Loading

بسم الله الرحمن الرحيم

إثبات المعاد

إلى أين؟
هناك ٢٠٠٠ آية في القرآن الكريم تتحدث عن المعاد، وذلك لأهميته في سلوك الإنسان.
وقد أثبتنا أن الروح مجردة، وأثبتنا كذلك أن الروح باقية بعد الموت.

نشرع الآن في إثبات المعاد بدليلين:

١- دليل الحكمة

٢- دليل العدالة

دليل الحكمة نقسمه إلى برهانين:

(أ)

في بحث الحكمة، قال العلماء: إن الله تعالى محبّ لذاته، لأن الله تعالى محبّ للخير والكمال، وحيث إن ذاته خيرٌ مطلق، فهو يحب ذاته، ويحب آثارها.
والإنسان، كمخلوق، أثر من آثار ذاته، فالله يحب الإنسان (حب تكويني).

وقد خلق الله الإنسان حتى يتصف بالكمال المطلوب، وجعله مختارًا، وهيّأ له الإمكانات التي توصله إلى مراتب الكمال.

فالله تعالى يريد من الإنسان أن يصل إلى الكمال المنشود.
وحيث إن الدنيا دار تزاحم (مليئة بالتنافس والصراع بين الأفراد والجماعات، والتحديات، ومتطلبات الحياة)، فلا يستطيع الإنسان أن يبلغ الكمال بأعلى مراتبه في هذه الدنيا.

لكن حكمة الله تقتضي أن يصل الإنسان إلى أعلى مراتب الكمال، باعتبار أن روحه باقية بعد الموت، فيفتح له باب الدار الآخرة (المعاد) ليصل إلى الكمال المطلوب، وتكون حياته أبدية.

(ب)

الله تعالى حكيم، لا يخلق شيئًا عبثًا أو لغير غرضٍ هادف.
ومن حكمته أنه خلق الفطرة الإنسانية، وأوجد فيها حب البقاء، فـالإنسان بفطرته يميل إلى:

حب البقاء – الأبدية

فالله تعالى يحقق هذه الرغبة الفطرية؛ لأنه هو الذي خلقها، وهي فطرة مرضية ومُعترف بها.
وهذا لن يتحقق إلا بـ المعاد. إذًا: لا بدّ أن يخلق الله الحياة الأبدية، المتمثلة بـ المعاد.

٢- دليل العدالة

الله تعالى خلق الإنسان مختارًا، وليس مجبرًا، فنجد في الواقع:
• عبادًا زُهّادًا، مؤمنين، صالحين.
• وفي المقابل: متجبّرين، وظالمين.

إذًا، هناك مسلكان في الدنيا.
والله تعالى عادل، قال تعالى:

“أفنجعل المسلمين كالمجرمين، ما لكم كيف تحكمون؟”
(القلم / ٣٥)

ونرى أن الله يمنّ على كلا المسلكين بالنعم، فكيف يتلاءم هذا المنّ مع العدل الإلهي؟

والجواب:
قال الإمام علي (عليه السلام):

“اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل.”

فحكمة الله هي الأفضل.
حتى لو أُقيمت في الدنيا محكمة عدل إلهية، وحكمنا على المجرم بالإعدام، فإن هذا الحكم لا يكفي أحيانًا ليسدّ جرائم كبرى (كمن يقتل مئات الأشخاص مثلًا).
فهذا يحتاج إلى قصاصٍ أعظم من الموت، كـ الخلود في النار.

كذلك، هناك جرائم لا يُعرف مرتكبوها في الدنيا، ولكن تُكشف في الآخرة، وتُحقق فيها العدالة.

الدنيا مزرعة الآخرة

إذًا، من حكمة الله تعالى أن يخلق المعاد.

دروس حوزوية
السيد مصطفى مرتضى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *