محمد جواد الدمستانيمحمد جواد الدمستاني

Loading

01

الرزق من الله و التوكل عليه

محمد جواد الدمستاني

لقد عرّف الرزق بألفاظ مختلفة و عرّفه الشيخ الطوسي بأنه ما صح الانتفاع به للمرزوق على وجه ليس لأحد منعه أو ما هو بالانتفاع به أولى و الدليل على ذلك: أن ما اختص بهذه الصفة سمي رزقا وما لا يكن كذلك لا يسمى رزقا

[1]. و ذكر الشيخ المجلسي اختلاف المذاهب العقائدية في شمولية الرزق للحرام و عدمه مع حججهم في ذلك[2].

و يجب القطع و اليقين بأنّ الرزق من الله سبحانه و تعالى وحده لا من أحد سواه فهو الرزاق الوهاب الكريم، و التعامل اليومي على ذلك القطع الذي يجب أيضا أن يكون عمليا لا نظريا و حاضرا لا منسيا، فلابد من التوكل و الانقطاع إلى الله سبحانه و تعالى و ذلك من أعظم أسباب الرزق واقعا، و هذه نظرة لها آثارها الحياتية المباشرة بالإنسان، قال النبي صلى الله عليه و آله: (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا)[3]، و حول هذا المعنى ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنّ الغنى والعز يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطناه)[4]. و قال عليه السلام: (لا تدع طلب الرزق من حله فإنه عون لك على دينك، و اعقل راحلتك وتوكل)[5].

فعلى المؤمن بالله أن يتوكل على الله و لا يسئ الظن به وقد رزقه في عوالم كان فيها أكثر عجزا دون حيلة لديه، و قال أمير المؤمنين عليه السلام: (كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له: يا بنيّ ليعتبر من قصر يقينه و ضعفت نيته في طلب الرزق، إن الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره، و آتاه رزقه، و لم يكن له في واحدة منها كسب و لا حيلة: إنّ الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة، أما أول ذلك فإنه كان في رحم أمه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه حر ولا برد، ثم أخرجه من ذلك و أجرى له رزقا من لبن أمه يكفيه به و يربيه وينعشه من غير حول به ولا قوة، ثم فطم من ذلك فأجرى له رزقا من كسب أبويه برأفة و رحمة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة حتى إذا كبر وعقل و اكتسب لنفسه ضاق به أمره و ظن الظنون بربه و جحد الحقوق في ماله و قتّر على نفسه و عياله مخافة اقتار رزق و سوء يقين بالخلف من الله تبارك و تعالى في العاجل والآجل، فبئس العبد هذا يا بنيّ)[6].

و عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: (لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و أنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه، و أن الضار النافع هو الله عز وجل)[7].

و في هذا روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)[8]. قال: هو الرجل يقول: لولا فلان لهلكت، و لولا فلان لأصبت كذا و كذا، و لولا فلان لضاع عيالي، ألا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه، يرزقه و يدفع عنه.

قال: قلت: فيقول: لولا أن الله منّ عليّ بفلان لهلكت؟ قال: نعم، لا بأس بهذا[9].

  1. – الاقتصاد – الشيخ الطوسي – ص 104
  2. – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 67 – ص 145
  3. – مستدرك الوسائل – الميرزا النوري – ج 11 – ص 217، بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 68 – ص 151، جامع أحاديث الشيعة – السيد البروجردي – ج 14 – ص 148، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1071، نهج السعادة – الشيخ المحمودي – ج 7 – ص 300
  4. – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 65، بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 75 – ص 257
  5. – الأمالي – الشيخ المفيد – ص 172، الأمالي – الشيخ الطوسي – ص 193، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1068
  6. – الخصال – الشيخ الصدوق – ص 122
  7. – الكافي – الشيخ الكليني – ج ٢ – ص ٥٨ ، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 1 – ص 201
  8. – سورة يوسف، آية 106
  9. – البرهان في تفسير القرآن- ج‏3- ص 213، بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 9 – ص 106 (وفي رواية زرارة ومحمد بن مسلم وحمران عنهما عليهما السلام: إنه شرك النعم . وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إنه شرك لا يبلغ به الكفر)، عدة الداعي – ابن فهد الحلي – ص 89 (نعم لا بأس بهذا ونحوه)، بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 5 – ص 148 (نعم لا بأس بهذا ونحوه)، وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج 15 – ص 215 (لا بأس بهذا أو نحوه).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *