بغداد عاصمة الطغاة
هل تتحول بغداد الى مدينة لرفاهية الطغاة وأغلب سكانها فقراء ؟
هادي جلو مرعي
هل تتحول بغداد الى مدينة لرفاهية الطغاة، وأغلب سكانها فقراء ؟ في أحد الأماكن الترفيهية في العاصمة تباع قنينة الماء بثلاثة ٱلاف دينار، أو بستة ٱلاف كما ذكر لي صديق، وتقدم النرجيلة بثلاثين ألف دينار، ولايدخل المكان إلا أصحاب الدخول العالية، والذين يصلونها بسيارات خاصة وفخمة.. بغداد يحكمها أصحاب الملايين، والذين يحصلون على الأموال بطرق غير شرعية..
في أوقات معينة تتزاحم السيارات على الملاه الليلية، ويتزاحم الشبان على محال بيع الخمور، بينما تنتشر الملاه والنوادي الليلية التي يرتادها أصناف من الناس، وتدخلها فتيات وشابات بأعمار مختلفة، لكن هذا وجه من وجوه بغداد المدينة الأغلى في العالم، والتي ترتفع فيها أسعار المنازل في الأحياء الراقية الى مستويات أعلى من لندن وعواصم أخرى، بينما تعرض مساحات من الأرض بأسعار غير معقولة وبٱلاف الدولارات للمتر المربع الواحد، ووصل الأمر بالبعض أن يعرض مبالغ غير واقعية ثمنا لقطعة أرض يمكن أن تتحول الى مبنى فخم أو مول تجاري، أو مطعم أو شيء ٱخر بعنوان الإستثمار.
تعلو الأبراج السكنية التي تعرض شققا للبيع، ولكنها بخلاف إستراتيجية حل مشكلة السكن المتبعة في بلاد مثل مصر، فإنها تعرض في بغداد بأسعار خيالية لايقدر على دفعها سوى أصحاب الدخول العالية من الذين يستطيعون توفير ثمن الشراء الذي يعجز عنه ذوو الدخل المحدود والفقراء في الأحياء البائسة التي تحول المدينة الى مقبرة كبيرة، وتكافح أمانة بغداد من أجل تقديم الحلول من خلال توسيع الشوارع، وبناء المجسرات، ومحاولة إبتكار طرق جديدة تفك الإختناقات المرورية وسط، وحول العاصمة.
بالرغم من الشكر الذي تستحقه أمانة بغداد،، وكفاح أمينها المهندس عمار موسى، إلا هناك من لايريد أن يتعاون، ويركز على مصالحه الشخصية، والمنافع التي يأملها من خلال إستثمارات تضر بالمدينة، وتعيق عمل الأمانة التي يعادل عملها عمل وزارات عدة مجتمعة، فهناك فئات إجتماعية من حديثي النعمة الذين إندفعوا لشراء الدور والعقارات والأراض، والإستثمار في كل شيء، والبحث عن وسائل الرفاهية والإستمتاع، وهولاء لايبالون بالقانون، وبخطط بناء الدولة، ويحدثون فرقا بين فئات إجتماعية يعلو بعضها فوق السحاب، ويدفن بعضها تحت ركام الفقر والحاجة، مع غياب إستراتيجية واضحة لبناء الدولة ودعم مؤسساتها.
تغيرت الظروف، فبغداد تتحول من خضوعها لسلطة الطاغية والدكتاتور الفرد، الى طغيان جماعات تستحوذ على كل شيء، وتتحكم بكل شيء، وترفع شعارات تستهوي السذج والمغفلين الذين يلعقون التراب، ويهتفون لطغاتهم دون وعي مثل فراشات تشتهي الضوء في ظلام دامس، حتى إذا وصلته تكتشف إنه نار فتحترق وتموت.