السيد رياض الحكيم

Loading

((وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ))  

 

س /بعد أن ذكرت الآية الأولى ان الله لا يحب المعتدين كيف يفرض أن العدوان قد لا يكون مرفوضاً من الله تعالى مثل العدوان على الظالمين، والبدء بقتال الكافرين إذا أصرّوا على كفرهم، كما تشير إلى ذلك الآية الأخيرة؟

ج / روي عن ابن عباس ان الآية الأولى نزلت بعد صلح الحديبية حيث تضمّن أن يرجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمسلمون إلى المدينة آنذاك، ويعودوا في العام المقبل إلى مكة لأداء العمرة، وخشي المسلمون أن لا تفي لهم قريش بذلك وأن يصدّوهم عن المسجد الحرام، وكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قتالهم في المسجد الحرام، فنزلت الآية الأولى لتحدّد موقف المسلمين مشيرةً إلى قتال من يقاتلهم فحسب، ومنعهم من قتال غيرهم التزاماً بالعهد المبرم في الحديبية، لأنّ الغدر بهم ومبادأتهم بالقتال اعتداء لا يحبه الله تعالى، بينما الآية الثانية نزلت بعد فتح مكة ونقض العهد من جانب المشركين، فلا يكون قتال المسلمين لهم غدراً واعتداءً، وإنما من باب تحمّلهم للمسؤولية وأداء واجب الجهاد، ودعوة الناس إلى الإيمان بالله وبرسالة الإسلام، ولإخلاء أرض الوحي من رجس الشرك وعبادة الأوثان، خاصّة انّ المشركين كانوا قد بدؤوا باخراج المسلمين من مكّة وتعذيبهم في بدايات بعثة الرسول، إذن ليس المقصود من العدوان في الآية الأخيرة هو الظلم والاعتداء ـ المبغوض لله ـ وإنما هو السبيل، قال ابن منظور: ((وقولـه تعالى: ((فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)) أي فلا سبيل، وكذلك قولـه: ((فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ)) أي فلا سبيل عليّ)

ويمكن ان يكون إطلاق العدوان على قتال الظالمين باعتباره ردعاً وعقوبةً لظلمهم، وهو شائع في اللغة العربية، كما قال تعالى: ((فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)). قال ابن منظور: ((سماه اعتداءً لأنه مجازاةُ اعتداءٍ فسمّي بمثل اسمه، لأن صورة الفعلين واحدة، وإن كان احدهما طاعة والآخر معصية، والعرب تقول: ظلمني فلان فظلمتُه، أي جازيتُه بظلمه لا وجه للظلم أكثر من هذا، والأول:ظلم، والثاني: جزاءٌ ليس بظلم، وإن وافق اللفظُ اللفظَ مثل قولـه: ((وَجَزَاء سـَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)) السّيئة الأولى سيئة والثانية مجازاة وإن سمّيت سّيئة، ومثل ذلك في كلام العرب كثير… قال الله تعالى: ((ومن يفعلْ ذلك يِلْقَ أثاماً)) أي جزاءً لإثمه))

 

س / ما هو الهدف من قولـه ((وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ))؟

ج / بعد أن ذكرت الآية السابقة أن الله لا يحب المعتدين، قد يتوهم الإنسان أنّ الأمر بقتل المشركين أينما ثُقفوا من الإعتداء المبغوض لله، فأشارت هذه الآية إلى دفع هذا التوهم بأن فتنة المشركين بكفرهم أشد من القتل، فلا يكون قتلهم ظلماً واعتداءً لأن الشرك ظلم عظيم، كما أشارت إليه موعظة لقمان لولده ((يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ

—————————————-

مراجعات قرآنية ( اسئلة شبهات وردود)

سماحة السيد رياض الحكيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *