Loading

نواقيس الخطر هل تقظ جاليتنا العراقيه

في المهجر

أكيد عندما تقرع أجراس الخطر, يعني أن هناك خطر داهم , وأن هناك أناس يعنيهم الأمر , ولا يتم ذلك بأيصال الأيعاز, الا أذا هناك آذن تسمع , وردود فعل تتحرك على قدر حجم الضرر المتوقع, والا تذهب هذه الأنذارات أدراج الرياح , ويسدل الستار على المشهد المؤلم وتحدث الكارثه لا سامح الله.

أنها بضعة سطور تصف مشهد وتنذر عن مسير محفوف بالمخاطر يحيط بحياة جاليه توهمها الكثير من المظاهر بأنها بخير , وأن كل شئ على ما يرام, متوهمين بما ينتشر هنا وهناك من بيوت ثقافيه ومراكز أجتماعيه ودينيه تكون وطننآ لهم بدلآ عن الوطن الأم, يبدد عنهم غربتهم ويحفظ لهم هويتهم وتساهم بمد الجسور مع بلدانهم, والأهم هو حفظ كينونة جيل على مفترق طريق ثقافي خطير, ولكن الحقيقه أن هذه المراكز والمنتديات لا تعبر عن وجود حقيقي عن أعداد هذه الجاليه, ولا تلبي كل طموحاتهم, بل تكون في أغلبها عباره عن هياكل وعناوين كبيره لا تتناسب ومحتواها الحقيقي وفشلت أكثرها بشكل فضيع ببلوغ أهدافها التي وضعها لها مؤسسوها .

أنها بضعة كلمات لا يقصد بها التجريح لأحد ولا لجهه, ولآيمثل جلدآ للذات , بقدر ما هو أستبيان لواقع , وتلويح لخطر , ووعي لما يجري من تطورات في ساحة المهجر, ناتج عن شعور بمسؤوليه يدعيها كاتب السطور, ويبقى الله وحده العالم بالنوايا والمقاصد.

أكيد أن حالة الشتات التي تعيشها الجاليه أسبابها كثيره ولا يتسع لها مقال , ولكن أحببت أن أشير الى مسعى  طالما وضع له مؤسسوه الأوائل جل جهدهم لرعاية الجاليه وتخفيف أعباء الهجره وما تنطوي عليها من متاعب الغربه والأغتراب. أنها المراكز الثقافيه والدينيه والتي ستبقى الملاذ الأخير لهم ولعوائلهم الكريمه بما تحمله من أهداف ساميه لدينهم ودنياهم , ولكن هذا لا يمنعنا من توجيه النقد البناء لهذه المؤسسات لغرض التقويم والتصويب, لمعالجة ما أصابها من تعثرات وثغرات ظهرت وتظهر عند كل عمل , وخاصه في موضوع يكون الأنسان مادته الأساسيه, وهو موضوع بطبيعته يحمل الكثير من الحساسيه.

أن هذه المراكز وما لها من أهميه في حياة الجاليه , هو ما جعلنا نصب عين أهتمامنا عليها , وهي محل موضوعنا. السؤال : هل هذه المراكز تمثل طموح أبناءها أو على الأقل المنتمين أليها؟ . وهل هي بمستوى تلبية حاجات مريديها؟ وهل هي قادره على الأستمرار بالقيام بمهامها المعهوده اليها؟ بأختصار هل هي في وضع معافى؟ . هذه أجوبه يشترك القارئ بالأجابه عليها , ولكن هذا لا يعفيني من ألقي بوجهة نظري المتواضعه , عسى أن تساهم بوضع الأصبع على الجرح.

أكيد أن الوجود الهيكلي لهذه المراكز الثقافيه والدينيه يغري السامع والمشاهد لها بأن الجاليه بخير , وأن ما تقوم به من فعاليات دينيه وثقافيه غايه في الروعه, وتساهم في تحقيق ما يصبوا أليه أبناء الجاليه, وتفي بالغرض , ويحتقق بها المراد, ولكن بتأمل بسيط ونظره عابره ترى من خلالها أن النتائج والمعطيات مخيبه في الكثير منها للآمال , وتشكل أحباطآ كبيرآ , ولا أبالغ أن تنبأ المرء عن نهايه خطيره , ومصير بائس , لا يسر كل من تهمه اوضاع ومصير هذه الجاليه , وما يؤول اليه مستقبلها .

طبعآ هناك أسباب كثيره ساهمت في تشتيت هذه الجاليه وأضعافها وتقويض الكثير من الأعمال الكبيره التي قام بها البعض في بدايات تأسيسها. من المهم ذكر بعض وأهم هذه الأسباب , منها هو ضعف الكثير من القائمين  والمتصدين لها, حيث أن الكثير منهم لم يستوعب البيئه الجديده التي حل بها , وما تتطلبه من مواقف وأجراءات حكيمه وجريئه , مما أوقع هذه التجمعات في حاله من التقوقع على الذات, وأن ما يرونه هو الواقع , في حين أن الأمر ليس كذلك مما زاد الطين بله وساهم في أتساع الفوضى التي نعيشها اليوم , والتي من تداعياتها هجرة الناس منها وتندر البعض عليها . هذا لم يأتي من فراغ ولكن لا يخلو من أحساس أن هذه المراكز والهيئات  بعيده كل البعد عن واقع الناس , وأنها لا تمس حاجياتهم, مما ساهم وبشكل كبير بأن ينأوا عنها , وكأن لا صله تجمعهم بها , مما خلق حاله من الفجوه الكبيره بينهم وبينها. كما يجب الأشاره الى شئ هام وجوهري الا وهو النظام الداخلي لهذه المراكز والهيئات , والذي يشتمل على الكثير من الهنات والفجوات , والتي لا تشتمل على فعاليات ونشاطات تعبر عن طموح وحاجات الجاليه العراقيه , لما لهذه الجاليه من خصوصيه تختلف بها عن غيرها ,وهذا ناتج من طابعها الأجتماعي المختلف والذي يتطلب معرفه عميقه فيه لمن يريد أن يمسك بمفاتيح مغاليقه ويسعى لأدارته والنهوض به.الأمر الذي يتطلب فيه الكثير من المعرفه الأجتماعيه والأنثروبولوجيه للمجتمع العراقي لكي يتجنب الكثير من المطبات , ومنها حالة الأصطدام به نظرآ لما يتمتع به من مزاج خاص يتضمن حاله مزاجيه حساسه جدآ , لا تخلوا من الحده والصرامه, وصعوبة الرضا على المواقف.

خلاصة القول  أن الجمعيات والمراكز الثقافيه والدينيه يجب أن تعبر عن حاله عامه عراقيه, وتبتعد عن الخصوصيات المناطقيه والعرقيه والعرفيه والا عليها أن لا تطلق على نفسها أسماء من أمثال عراقيه أو أسلاميه , لأن لهذه المسميات مواصفات لا تتوفر بالكثير من هذه المراكز والهيئات للأسف , وأما تعبر عن حاله مناطقيه ضيقه وتصطبغ بمزاج معين , ولون أجتماعي معين , وهذا هو بالحقيقه مقتلها , وسبب أنحسارها. هذا من جانب ومن جانب آخر هو عدم التنوع في أنشطتها الثقافيه والدينيه والأجتماعيه, وهو عامل مهم ورئيس دعت بالكثير الى هجرانها, وخاصه أبتعاد الشباب عنها , ولا أخفيكم , ولا أدع لنفسي أن أجامل في أن لا أقول وبصراحه , وفي أكثر من مركز وتجمع العراقيين في العالم , أن هناك هجره كبيره للمثقفين وأصحاب الشهادات العاليه عن هذه المراكز , لأنهم وصلوا الى حد اليأس من المضي بها الى الأمام , أو لم يجدوا فيها ما يشبع ضالتهم منها, فآ ثروا السلامه وأبتعدوا منها بصمت . هذه حقيقه علينا الأعتراف بها , والأقرار بها لمن يريد  أصلاح ما يمكن أصلاحه , وذلك بوضع النقاط على الحروف بجرأه ووضوح , لمن يريد النهوض بها , لكي تقوم بالمهمات الملقات على عاتقها , وهي مهمات جسيمه وعظيمه ولا يمكن الأستهانه بها , مما تتطلب جهود كبيره وتعاون مستمر وذلك بحجم المهمه وسمو الأهداف الملقاة على عاتقها.

أن المؤمل لهذه المراكز أن تكون مراكز جذب ينتهل منها الناهل , ويهرب اليها من أستوحش بصحراء الغربه  , ويتغذى منها من أشتاق الى غذاء الروح , لتكون ملاذآ آمنآ تسكن فيها أرواحهم العطشى الى الله. كما ليس من الواقعيه بمكان أن ألقي باللوم فقط على هذه المراكز والهيئات الثقافيه والدينيه , وأنما ما للآباء والأمهات من مهام عظيمه وكبيره قد تقاعسوا عنها , ومارسوا الكثير من الأسترخاء نحوها أستسهالآ للأمر , ونزوعآ للراحه وكانهم لم يسمعوا قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارآ وقودها الناس والحجاره….) .

أياد الزهيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *