محمد جواد الدمستانيمحمد جواد الدمستاني

Loading

العلاج بالصدقة

(الصدقة دواء منجح)

محمد جواد الدمستاني

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة «الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ»[1].

و مثله يروى عن رسول الله (ص) و أمير المؤمنين (ع) و الإمام الصادق (ع) بصيغة الأمر في «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ»[2].

وهو بيان لآثار الصدقة على المريض من الناحية الصحية و العلاجية في الشفاء من الأمراض، فالصدقة أو العطاء الذي يعطيه المتصدق و يبتغى به الثواب عند الله، جعلها الله سبحانه و تعالى علاجا ناجحا و موفقا في الشفاء من الأمراض.

و إطلاق الصدقة تشمل أنواعها من الواجبة كالزكاة أو زكاة الفطرة، و المستحبة، و صغيرها بدريهمات معدودة و كبيرها كبناء بيوت للمحتاجين، و فرديتها كإعطاء فقيرمباشرة أو مساعدة يتيم أو محروم، أو عاميتها مثل حفر بئر لقرية فقيرة، أو المساعدة في بناء مدرسة أو دار أيتام أو الأعمال الخيرية الاجتماعية.

و لعل هذا العلاج بالصدقة يرتبط أيضا بالدعاء الصادق الذي يدعوه صاحب الحاجة للمتصدق و الذي يخلص فيه الداعي المحتاج بقدر صدقه، ففي الرواية عن الإمام الصادق (ع) قال: «لاَ تَسْتَخِفُّوا بِدُعَاءِ اَلْمَسَاكِينِ لِلْمَرْضَى مِنْكُمْ فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيكُمْ وَ لاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ»[3].

و في هذا ورد في الرواية عن الصادق (ع) بأمر السائل بالدّعاء للمعطي في قوله (ع) «يُستَحَبُّ لِلمَريضِ أن يُعطِيَ السّائِلَ بِيَدِهِ ، ويَأمُرَ السّائِلَ أن يَدعُوَ لَهُ»[4].

معنى الصدقة هنا ينصرف إلى العطاء و الإحسان الذي يقدمه صاحب المعروف المتصدِق إلى صاحب الحاجة المتصدَق عليه، و لكن بالتوسع في المعنى قد يشمل كل إعانة و مساعدة تقدم لصاحب الحاجة، أو أي خدمة تقدم للإنسان و تسد حاجته، فهذا كله له آثار عظيمة و من ضمنها الآثار الصحية و العلاجية في الشفاء من الأمراض لمعطيها و مقدمها، و الأعمال عامة لها آثار، «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ»[5].

هذا المعنى من استعمال الصدقة كدواء منجح و علاج ناجح قد تكرر في روايتهم عليهم السلام و روي عن رسول الله (ص) «ما عولِجَ مَريضٌ بِأَفضَلَ مِنَ الصَّدَقَةِ»[6]، و «داووا مَرضاكُم بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّها تَدفَعُ عَنكُمُ الأَمراضَ وَالأَعراضَ»[7]، و في طبّ الأئمّة روي عن الإمام الكاظم (ع) إنَّ رَجُلاً شَكا إلَيه إنَّني في كَثرَة مِنَ العِيالِ كُلُّهُم مَرضى، فَقالَ لَهُ الإمام (ع): «داوهُم بِالصَّدَقَةِ ، فَلَيسَ شَئٌ أسرَعَ إجابَةً مِنَ الصَّدَقَةِ، ولا أجدى مَنفَعَةً عَلَى المَريضِ مِنَ الصَّدَقَةِ»[8].

و في الرواية قال الرواي معاذ بن مسلم: كنت عند ابي عبد الله عليه السلام فذكروا الوجع فقال عليه السلام: «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقُوتِ يَوْمِهِ، إِنَّ مَلَكَ اَلْمَوْتِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ اَلصَّكُّ بِقَبْضِ رُوحِ اَلْعَبْدِ فَيَتَصَدَّقُ فَيُقَالُ لَهُ رُدَّ عَلَيْهِ اَلصَّكَّ»[9]. إشارة إلى أثر العلاج بالصدقة و عظمته و أنّه يشمل أمراضا خطيرة أو متقدمة تؤدي بمبتليها إلى الموت فينجو ببركة و فضل صدقته.

و ينبغي أن يحمل المعنى بجد و عقيدة في كون الصدقة تدفع البلاء و من ضمنه الأمراض و الأعراض مما يجعل المتدبر يرغب في التصدق و يؤثر أثره فيه و هو الشفاء من المرض، و في حالة كان هذا اعتقاد عام في المجتمع و يمارس بنطاق واسع فإنّ المجتمع يترقى في علاقاته الاجتماعية من جهة التكافل و التضامن و في تحسّن صحته و تقليل أمراضه.

  1. – نهج البلاغة، حكمة 7

  2. – ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، الصدوق، ج1، ص139، من لا یحضره الفقیه، الصدوق، ج2، ص66

  3. – دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي، ج2، ص331، بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج59، ص276

  4. – الکافي، الكليني، ج4، ص3، من لا یحضره الفقیه ، ج2، ص 66، وسائل الشیعة، الحر العاملي، ج9، ص377

  5. – سورة الزلزلة، آية 7

  6. – الأحاديث الطبية، ج١، الريشهري، ص١١٤، حكم النبي الأعظم (ص)، ج٧، الريشهري، ص٢٩٧، كنز العمال – المتقي الهندي – ج١٠ – ص ٢٤،

  7. – كنز العمال، ج ١٠، المتقي الهندي، ص ٢٣

  8. – طب الأئمة ( ع )، عبد الله وحسين بن سابور الزيات ( ابن بسطام النيسابوري )، ص ١٢٣، وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص433، بحار الأنوار، المجلسي، ج59، ص265

  9. – ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، الصدوق، ص139، مکارم الأخلاق، الطبرسي، ص 388، وسائل الشیعة، الحر العاملي، ج9، ص375، بحار الأنوار، المجلسي، ج59، ص269، بحار الأنوار، المجلسي، ج93، ص123

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *