العلاقات السورية العراقية: فرص التعاون وتحديات الثقة
تتجه الأنظار نحو العلاقات السورية العراقية في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، حيث يتصاعد النقاش حول امكانية عودة هذه العلاقات بما يخدم المصالح الوطنية لكلا البلدين. يعتقد الكثيرون أن تقوية العلاقات مع سوريا يمكن أن تسهم في سحبها من قبضة التأثير التركي، وتحويلها إلى ممر حيوي للعراق نحو البحر الأبيض المتوسط. يتطلب هذا الأمر فتح قنوات للتبادل التجاري وتفعيل الاقتصاد بين البلدين، مما يعود بالنفع على شعبيهما والأمن على الحدود بين العراق وسوريا يمثل أولوية قصوى، خاصة فيما يتعلق بالمعتقلات التي تضم مجموعات من الإرهابيين. يُعتبر التعاون في هذا المجال ضروريًا لضمان استقرار المنطقة بالإضافة إلى ذلك، يجب التركيز على حماية الأقليات الموالية لمذهب أهل البيت، ومرقد السيدة زينب الذي له مكانته الخاصة لدى العراقيين وفتح الأبواب أمام العراقيين لزيارة هذا المرقد الديني يمكن أن يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الشعبين.
وايضا تتسم العلاقات بين العراق وسوريا بعمق تاريخي واجتماعي، حيث شهدت العقود الماضية تداخلًا في النسيج الاجتماعي بين البلدين. لذا، يجب النظر في أملاك المواطنين العراقيين الذين استقروا في سوريا، وكذلك في الروابط العشائرية التي تربط بين العشائر على طرفي الحدود بين البلدين . ومع ذلك، هناك من يعبر عن مخاوف جدية تجاه النظام السوري، معتبرين أن قيادته مجرمة وقد ساهمت في ارتكاب مجازر في العراق من خلال انتمائها للتنظيمات الإرهابية. هؤلاء يرون أن النظام الجديد تسبب في نكسة لمحور المقاومة، من خلال غلق الحدود مع لبنان وعمل على تشديد الحصار على حزب الله. كما يعتبرون أن هذا النظام مبني على رؤية عقائدية متطرفة، مما يجعل من الصعب الوثوق به.
كل من الطرفين قد ينطلق من مصلحة وطنية يراها هي الصحيحة. ويبقى التساؤل: ما هي المصلحة الراجحة أن تكون لنا علاقات مع النظام السوري الجديد أم يغلق الباب في وجهه؟ خصوصًا أنه نظام مختلف عليه، هناك دول عربية مؤيدة ومعترفة به، وهناك متحفظون عليه، وهناك شبه انقسام غربي حوله يريدون سحبه إليهم بشرط أن يكون مطبعًا مع الكيان الصهيوني.
وهل يمكن أن يروض النظام السوري وقيادته الجديدة ويحمى من تركيا وإسرائيل ويكون في الحظن العربي والإسلامي، أم يبقى معزولًا ويبقى خطر ذهابه باتجاه خيارات قد تكون غير مرضية للمنطقة؟ هل يمكن أن تنهار سوريا وتقسم ويتقدم الكيان ليقرب المسافة بيننا وبينه ويجد أجواء جوية مفتوحة يصول ويجول فيها؟ أيهما أقرب لمصلحة العراق الوطنية؟ أيهما أقرب لمصلحة العراق الاستراتيجية؟ أيهما أقرب لمصلحة الشيعة بالتحديد؟
أسئلة تدور في ذهن الكثير من النخب والكفاءات والسياسيين والإعلاميين. هل سيجتمع الرأي العراقي على أرجحية؟ هل سنبعد هذا الملف عن الصراعات السياسية والتنافس الانتخابي وجعله ملفًا له أهمية استراتيجية؟ من سيكون له الرأي والقرار في ظل صراعات وتنافس انتخابي؟ هل تستطيع الحكومة حسم هذا الملف دون الالتفات إلى ما ستتعرض له من هجوم لاذع؟ هل سيتمكن ائتلاف إدارة الدولة من حسم هذه المسألة؟ هل ستكون قمة بغداد بوابة لتسويق النظام السوري الجديد للعالم العربي، وهل ستفتح له بوابات مطار بغداد ويعزف له النشيد الوطني؟ هذه أسئلة بحاجة إلى جواب نابع من مصلحة وطنية وليست مصلحة حزبية.