09
استبطاء الرزق (أصول الرزق 09-14)
محمد جواد الدمستاني
ورد في عدد من الروايات مسألة استبطاء الرزق و معالجتها، هذا الاستبطاء الذي يشغل فكر طوائف من الخلق يعتبر فكرا أوليا قاصرا، و الحقيقة أنّ نعم الله سبحانه و تعالى لا تحصى من أرزاق ضرورية للعباد قد منّ الله بها عليهم في مختلف مراحل تكوينهم، و أنعم عليهم بضروريات الحياة التي لا يمكن أن يعيش بدونها الإنسان و الكائنات الحية عامة من هواء و ماء و أشعة و غيرها مما لا يحصى و لا تقوم حياة بدونها مما يدركه الإنسان أو لا يدرك، و ورد في الروايات الحذر من استبطاء الله في رزقه أو اتهامه في قضائه فعن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: يقول الله سبحانه وتعالى: ليحذر عبدي الذي يستبطئ رزقي أن أغضب فأفتح عليه بابا من الدّنيا[1].
و قال الإمام الكاظم (عليه السلام): (ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه و لا يتهمه في قضائه)[2].
و قال الراوي سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: كان في الكنز الذي قال الله عز وجل: (وكان تحته كنز لهما)[3] كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها، و ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطئه في رزقه)[4].
كما وردت أخبار في حالة استبطاء الرزق تدعو للاكثار من الاستغفار و التكبير، فيدل على أنّ الاستغفار و التكبير يعجّل بالأرزاق، فعن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أنّه قال: (من أنعم الله عز وجل عليه نعمة فليحمد الله تعالى، ومن استبطأ [عليه] الرزق فليستغفر الله)[5].
و من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام لكميل: (إذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها)[6].
و عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من استبطأ الرزق فليكثر من التكبير، و من كثر همه و غمه فليكثر من الاستغفار)[7].
و عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ما سد الله عز وجل على مؤمن باب رزق إلا فتح الله له ما هو خير منه)[8].
و ذكرت عدد من الروايات أنّ الرزق مقسوم للانسان بالحلال و لكنه قد يحرف نفسه فيأخذه حراما و لو أنّه صبر و اتقى لأكله حلالا، قال نالإمام الباقر (عليه السلام): ليس من نفس إلا و قد فرض الله لها رزقها حلالا يأتيها في عافية، وعرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت من الحرام شيئا قاصها به من الحلال الذي فرض الله لها و عند الله سواهما فضل كبير[9].
و حديث الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يوضح المعنى فقد دخل (عليه السلام) المسجد وقال لرجل: أمسك علي بغلتي، فخلع لجامها وذهب به، فخرج علي (عليه السلام) بعد ما قضى صلاته وبيده درهمان ليدفعهما إليه مكافأة له، فوجد البغلة عطلا، فدفع إلى أحد غلمانه الدرهمين ليشتري بهما لجاما، فصادف الغلام اللجام المسروق في السوق، قد باعه الرجل بدرهمين، فأخذه بالدرهمين وعاد إلى مولاه، فقال علي (عليه السلام): (إن العبد ليحرم نفسه الرزق الحلال بترك الصبر، ولا يزداد على ما قدر له)[10].
و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (ما من عبد استحيا من الحلال إلا ابتلاه الله بالحرام)[11].
و على العبد بالصبر فعن الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه و آله – في حديث المناهي – قال: «من لم يرض بما قسمه الله له (من) الرزق و بث شكواه و لم يصبر و لم يحتسب، لم ترفع له حسنة، و يلقى الله و هو عليه غضبان إلا أن يتوب»[12].
-
– أعلام الدين في صفات المؤمنين – الحسن بن محمد الديلمي – ص ٢٧٧، بحار الأنوار – المجلسي- ج78- ص 195، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1072 ↑
-
– الكافي- الشيخ الكليني – ج٢ – ص٦١، التمحيص – محمد بن همام الإسكافي – ص ٦٣، بحار الأنوار- ج69 – ص334، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1072. ↑
-
– سورة الكهف، آية 82 ↑
-
– الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 59، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1072 ↑
-
– بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٦٨ – ص ٤٥، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1072 ↑
-
– بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٧٤ – ص ٢٧٠، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1072 ↑
-
– ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1072 ، كنز العمال – المتقي الهندي – ج ٤ – ص ٢٧ ↑
-
– من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق – ج 3 – ص 166 ↑
-
– بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥ – ص ١٤٧، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1076 ↑
-
– ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1076، شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ٣ – الصفحة ١٦٠ ↑
-
– ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1076، كنز العمال – المتقي الهندي – ج ٤ – ص ٧ ↑
-
– الأمالي – الشيخ الصدوق – ص 514، من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق – ج 4 – ص 13، مكارم الأخلاق – الشيخ الطبرسي – ص 429، وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج 17 – ص 46 بعض المصادر دون كلمة من (من لم يرض بما قسمه الله له الرزق). ↑