Loading

أهمية و عَظَمَة الصلوات على محمد و آل محمد في الدّعاء و آثارها

(إذا كانت لك عن الله حاجة فابدا بالصلاة على رسوله ثم سل حاجتك)

محمد جواد الدمستاني

الدُّعاء له مجموعة من الآداب، و من آدابه الصلاة على النبي و آله، و روي عن أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة في الدُّعاء و الصلاة على النبي قوله عليه السلام:

«إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله)، ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا وَ يَمْنَعَ الْأُخْرَى». نهج البلاغة – حِكمة 361

و من آداب الدُّعاء البسملة و الحمد و الثناء لله، و الصلاة على النبي وآله، ثم طلب المسألة، كما هي أدعية أهل البيت (ع)، و دعاء الافتتاح مثالا لأدعيتهم عليهم السلام.

قال عليه السلام :

«إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَاجَةٌ»، أو مسألة تريد طلبها من الله سبحانه تعالى، مطلق الحاجة من شفاء مريض، قضاء حاجة، ذرية صالحة، رزق، مقامات أخروية و غيرها من حوائج الدّنيا و الآخرة.

«فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله»، ابدأ الطلب بالصلاة على رسوله كما أمر في كتابه، إذ قال الله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» سورة الأحزاب: 56، فتقول «اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد»، ثُمَّ «سَلْ حَاجَتَكَ» بعد الصلاة على النبي، «فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ» و هما الصلاة على الرسول، وحاجتك التي تطلبها، «فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا»، و هى الصلاة على الرسول و قد أمر بها، «وَ يَمْنَعَ الْأُخْرَى» وهي حاجتك التي تريدها و تطلبها، بل إنّ الله تعالى سيقضي لك الحاجتين معا، إذا لكي تُقضى مسألتك و يُستجاب دعاؤك اقرنها دائما بالصلاة على محمد وآل محمد، و ابدأ بالصلوات.

و روايات كثيرة في كتب المسلمين عامة تؤكد على أهمية و ضرورة أن يصلي الدّاعي على محمد و آل محمد، روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله: «لاَ يَزَالُ اَلدُّعَاءُ مَحْجُوباً حَتَّى يُصَلَّى عَلَيَّ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي»، الوسائل،ج7ص95.

و عن أَمِير المؤمنين عليه السلام: «كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ عَنِ اَلسَّمَاءِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ»، جامع الأخبار،ج1ص61.

و عن الإمام الصادق (ع) «لاَ يَزَالُ اَلدُّعَاءُ مَحْجُوباً حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ» الكافي،ج2ص491.

و ضرورة الانتباه إلى كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله، و صيغتها هي: «اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد»، و لا تبتر الصلاة.

و قريب من الرواية ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام، قوله «مَن كانَت لَه إلَى اللَّهِ عز وجل حاجَةٌ فَليَبدَأ بِالصَّلاةِ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، ثُمَّ يَسأَلُ حاجَتَهُ، ثُمَّ يَختِمُ بِالصَّلاةِ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل أكرَمُ مِن أن يَقبَلَ الطَّرَفَينِ ويَدَعَ الوَسَطَ إذ[ا] كانَتِ الصَّلاةُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ لا تُحجَبُ عَنهُ»، الكافي، ج2 ص494

بل ورد عن النبي صلى الله عليه و آله ذكره في أول الدّعاء و وسطه و آخره، كما روي في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: « لاَ تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ اَلرَّاكِبِ فَإِنَّ اَلرَّاكِبَ يَمْلَأُ قَدَحَهُ فَيَشْرَبُهُ إِذَا شَاءَ، اِجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ اَلدُّعَاءِ وَ فِي آخِرِهِ وَ فِي وَسَطِهِ». الکافي،ج2ص492- مکارم الأخلاق،ج1ص274- وسائل الشيعة،ج7ص94

و المعنى أن تكون الصلوات ذكرا أساسيا و مهما في الدّعاء كما هي رواياتهم عليه السلام في حجب الدّعاء دون ذكرهم، و لا يكون ذكرهم ثانويا و هامشيا، و مثّل ذلك بقدح الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء.

و في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام : «دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ فَابْتَدَأَ قَبْلَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّه والصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) عَاجَلَ الْعَبْدُ رَبَّه، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَصَلَّى وأَثْنَى عَلَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ وصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ص سَلْ تُعْطَهُ». ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ وَالصَّلَاةَ عَلى رَسُولِهِ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ أَحَدَكُمْ لَيَأْتِي الرَّجُلَ يَطْلُبُ الْحَاجَةَ، فَيُحِبُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ خَيْراً قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ حَاجَتَهُ». الكافي، ج2ص485

و مثله في سنن الترمذي: بَينا رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه [و آله] قاعِدٌ إذ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلّى، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغفِر لي وَارحَمني.

فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه [وآله]: عَجِلتَ أيُّهَا المُصَلّي! إذا صَلَّيتَ فَقَعَدتَ فَاحمَدِ اللَّهَ بِما هُوَ أهلُهُ وصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ ادعُهُ.

قالَ : ثُمَّ صَلّى رَجُلٌ آخَرُ بَعدَ ذلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وصَلّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه [و آله] وسلم .

فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله : أيُّهَا المُصَلّي، ادعُ تُجَب». سنن الترمذي،ج٥،ص ١٧٩.

و في مسند أحمد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «إذا صَلّى أحَدُكُم فَليَبدَأ بِتَحميدِ رَبِّهِ وَ الثَّناءِ عَلَيهِ، ثُمَّ يُصَلّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه [وآله] وسلم، ثُمَّ ليدع بَعدُ بِما شاءَ». مسند الإمام أحمد بن حنبل،ج ٦ص ١٨

و في المعجم الأوسط للطبراني عن أمير المؤمنين عليه السلام: « كل دعاء محجوب حتى يصلي على محمد وآل محمد»المعجم الأوسط،الطبراني،ج ١، ص ٢٢٠ .

ذكرنا هذا لبيان أهمية و ضرورة الصلوات في الدعاء على محمد و آله في استجابة الدّعاء و رواياتها في كتب المسلمين عامة، و هذه نماذج من تلك الروايات وهي كثيرة، و هذا تنبيه لمن يدعو من المسلمين دون ذكر الصلوات.

و رحم الله الشاعر الفرزدق فقد حوت قصيدته العظيمة في الإمام زين العابدين عليه السلام ذكرهم عليهم السلام، حيث أنشد: مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اَللَّهِ ذِكْرُهُمُ فِي كُلِّ فَرْضٍ وَ مَخْتُومٌ بِهِ اَلْكَلِمُ

و الروايات في فضل الصلاة على محمد و آل محمد كثيرة، و أنها تثقل الميزان «مَا فِي اَلْمِيزَانِ شَيْءٌ أَثْقَلَ مِنَ اَلصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ».

و أنها تَهْدِمُ اَلذُّنُوبَ «مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَا يُكَفِّرُ بِهِ ذُنُوبَهُ فَلْيُكْثِرْ مِنَ اَلصَّلَوَاتِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَإِنَّهَا تَهْدِمُ اَلذُّنُوبَ هَدْماً» الکافي، الجزء۲، الصفحة 494، الأمالی (للصدوق)،ج1ص73

و تَذْهَبُ بالنفاق، كما في الكافي و ثواب الأعمال، عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص) «اِرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالصَّلاَةِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالنِّفَاقِ». الکافي،ج2ص493، ثواب الأعمال،ج1ص159

و أثر الصلوات في قضاء الحوائج و غُفران اَلذُّنُوبَ، و زيادة الأجر والثواب، و غيرها من الآثار العظيمة للصلوات على محمد و آل محمد.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلْأَوْصِيَاءِ اَلْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ، وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ، وَ أَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَهُمْ فِيهِ،وَ أَخْرِجْنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وصلّ اللهمّ على محمد و آله الطاهرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *