المرجع الخالصي: موسم الحج دعوة لوحدة الأمة، وصمت العالم عن جرائم الصهاينة خيانة إنسانية كبرى
الكاظمية المقدسة – ألقى سماحة المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله)، خطبتي صلاة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 3 ذي الحجة 1446هـ الموافق لـ 30 أيار 2025م، مؤكدًا على ضرورة استلهام المعاني العظيمة لموسم الحج في توحيد موقف الأمة الإسلامية، ومنددًا بصمت العالم إزاء جرائم الكيان الصهيوني، ومشددًا على خطورة التلاعب بالشأن الداخلي العراقي تحت ذرائع انتخابية واهية.
الخطبة الاولى: الحج أعظم تجلٍّ لوحدة الأمة
استهل المرجع الخالصي (دام ظله) خطبته الأولى بالتأكيد على أهمية موسم الحج الذي يتزامن مع الشهر الأخير من السنة الهجرية، واصفًا إياه بأنه “أعظم تجمع بشري للمسلمين تحت راية طاعة الله وعبادته“.
وأشار إلى أن هذا الموسم لا ينبغي أن يُرى مجرد طقس ديني، بل يجب أن يتحول إلى محطة وعي وبناء لموقف إسلامي موحد إزاء قضايا الأمة المصيرية في مختلف أرجاء العالم، لافتاً إلى ان هذه الامور كلها هي إشارة إلى وجوب الالتزام المبدئي للأمة ووحدته.
وأكد سماحته أن الحج يحمل دلالات ربانية ومعجزات كونية، مشيرًا إلى أمر الله لنبيه إبراهيم (عليه السلام) بالنداء في الناس للحج، في وقت لم يكن في الديار أحد، إلا أن الله شاء أن يصل النداء وتستجيب له الملايين، وهو ما نشهده اليوم واقعاً وقائماً ومشهودًا بحمد الله.
الخطبة الثانية: المهلة انتهت… والمواجهة ستعود أشدّ مما مضى
في الشأن السياسي العام، نبّه المرجع الخالصي (دام ظله) إلى اقتراب انتهاء المهلة الممنوحة للكيان الصهيوني بشأن تنفيذ تعهداته التي جاءت بتدخل أمريكي ووساطة عربية، مؤكدًا أن المشهد مقبل على تصعيد ومواجهة أشدّ مما سبق وزيادة، وأن هذا الخراب لا يمكن ان يبقى، وهذا الكيان لا يمكن أن يستمر في جرائمه اليومية.
وقال سماحته: “كل يوم نودّع مئة إلى مئة وخمسين شهيدًا، أطفال يُحرقون، بيوت تُدمَّر، والعالم يتفرج بلا حياء”، وأضاف: “حتى مظاهر التعاطف، إن وُجدت، فهي بلا أثر عملي، حيث يُمنع عن أهلنا في غزة أبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء، حتى من الخبز“.
وأشار إلى اتساع رقعة العدوان، ليشمل الضفة الغربية ولبنان وجنوبه واليمن، وتهديد العراق وإيران، بل وحتى من وصفهم بـ”الزعماء الموالين للغرب”، والذين لم يسلموا بدورهم من الإهانات والإضعاف، وهذا كله لا يجوز لمسلم أن يتقبله بأي حال من الاحوال.
ودعا سماحته بهذه المناسبة ايام الحج المبارك إلى تحرك شعبي واسع في كل نقطة من نقاط أقطار العالمين العربي والإسلامي، تتحالف في سبيل نصرة فلسطين وأهلها، وإدانة واستنكار ومحاربة ما جرى ويجري في أرض فلسطين، حتى تعود الحقوق إلى أصحابها وتُستعاد الأرض المغتصبة.
في الشأن العراقي: لا يجوز شلّ مؤسسات الدولة بذريعة الانتخابات
وفي الشأن العراقي، عبّر المرجع الخالصي (دام ظله) عن استيائه من حالة الشلل التي تعاني منها مؤسسات الدولة، بذريعة قرب الانتخابات، مؤكدًا أن هذا أمر خطير لا يليق بدولة تحترم نفسها، لافتًا إلى أن أغلب دول العالم تجري انتخاباتها دون أن تتوقف الحياة فيها لحظة واحدة.
وأضاف سماحته: “فهذه المسائل والانشغالات والتكتلات، والإعلان عن الأموال الطائرة التي تُصرف على هذه الأمور، سواء كان من أموال الشعب العراقي أو خزينة الدولة أو من الأموال المدفوعة لإجراء تغييرات في الوضع الانتخابي، لعبة لا ينبغي أن تنطلي على أحد.”
وحذّر من الترويج الطائفي في الحملات الانتخابية، معلقًا: “يُخوفون الناس بأن الشيعة سيفقدون الحكم، والعودة الى الأيام الماضية، والقتل والمجازر والمقابر الجماعية وغيرها، والحقيقة أن لا الشيعة اليوم يحكمون ولا السنة قد حكموا، بل الحاكم الفعلي هم المشغّلون، والمسيطرون، والمهيمنون المتحكمون من الأعداء وحلفائهم ومن خلف الستار.”
وأشار سماحته إلى أن لعبة التغيير الطائفي هي أداة لإشغال الشعب ومنعه من التفكير في همومه الحقيقية، فيما تستمر الاعتقالات وهدم البيوت وتكميم الأفواه في مناطق مختلفة من العراق، من الكاظمية إلى التاجي والبصرة والنجف وغيرها.
تحذير من مشروع التطبيع والتغلغل الأجنبي
ورأى الشيخ الخالصي أن السلطة الحاكمة في العراق تعيش اجواء خاصة بعيدة عن هموم وآلام الشعب، وأن العراق يُدفع رويداً رويداً ليكون إحدى قواعد التطبيع والالتحاق بالمشروع الصهيوني – الأمريكي، مؤكداً أن هذا المسار خطر داهم لا يجوز السكوت عنه.
وأبدى رفضه الشديد لاستغلال المرجعيات الدينية لتبرير هذا الانحراف، مشيراً إلى استضافة بعض الأشخاص “الملحدين والعملاء” في مدينة النجف بدعوى إلقاء محاضرات حول إنكار وجود الله والدين والإسراء والمعراج، وقال: “هذا ما لا يمكن أن يُقبل، ودور المرجعية أن تطردهم لا أن تسمح لهم“.
الذاكرة التاريخية حاضرة: هكذا طُرد دعاة الإلحاد من بغداد
وفي ختام خطبته، استحضر سماحته ذكرى نكسة حزيران عام 1967، حين خرج أبناء العراق المخلصون في مظاهرات كبيرة وواسعة لطرد أحد رموز الإلحاد آنذاك، معتبرًا أن ذلك النموذج يجب أن يُحتذى اليوم، لا سيما في مدينة أمير المؤمنين عليه السلام، حفاظًا على القيم والمبادئ التي تشكل سلاح الأمة في وجه الانحراف والفساد.