Loading

أستراتيجية الرعب بين التتار وداعش

لا أعرف من القائل ,أن التاريخ يعيد نفسه,لكنه حقآ يمتلك من الحكمه الشئ الكثير , وأكيد كان يقصد ,ليس بالضروره الأشخاص أنفسهم بل يعاد التاريخ بأسبابه وما يترشح منه من نتائج , وهذا ما نجد له من مطابقات وأسقاطات ,لما حدث على يد التتار , وما يحدث اليوم على يدي داعش من جرائم مروعه بحق الأنسانيه. أنه ذات الفكر وذات المنهج وذات الأهداف.

التتار شعب بدوي يعيش على أطراف صحراء غوبى,بين الصين ومنغوليا, وهم سكان براري ,مشهورين بالشر والغدر,كذلك الأمر مع داعش ,حيث أنهم الأبن البار للفكر الوهابي وهو فكر نشأ وترعرع في صحراء نجد , ومنها أخذ هذا الفكر ملامحه القاسيه وطبيعته الخشنه , وسلوكه العنيف. يتميز كلا السلوكين الداعشي الوهابي والتتري ,بخلوهما من العواطف الأنسانيه النبيله, ولا شك ما للصحراء من أثر سلبي عليهم , لأن الأنسان وكما يقول علم الأجتماع أبن بيئته , وعلى هذا الأساس حرم الرسول الأعظم محمد(ص) التعرب بعد الهجره ,لمعرفته الدقيقه بأجواء الصحراء وما تعكسه من تأثير غير حضاري على الأنسان المسلم , والقرآن الكريم أكد ذلك بقوله تعالى ( الأعراب أشد كفرآ ونفاقآ….).

وكما هو معروف , أشتهر التتار بالقتل والتدمير. واليوم توأمها داعش على نفس المنهج والسلوك, لتشابه النشأه ووحدة الهدف, حيث أن التتار ظهروا على مسرح الحياة سريعآ , ودمروا دولآ , وأعادوا تشكيل خرائط للعالم, ولكنهم بالوقت نفسه أنهاروا سريعآ,كما ظهروا سريعآ, وهو الأمر نفسه مع الظاهره الداعشيه,حيث ظهرت وتعاظم وجودها سريعآ, وتسعى هي اليوم أيضآ لتغير خرائط , وتسعى لتشكيل عالم جديد بالتعاون مع أطراف دوليه ,تضمر الشر للعالم العربي والأسلامي, وهم كسابقيهم من التتار ,سيختفون سريعآ, لأنهم صنيعه خصيصآ لمهمه عبثيه ,فوضويه .أنهم حصان طرواده لقوى أخرى لا تريد أن تقترف جرائم حرب بأيديها تجنبآ للأدانه الدوليه ,فأنتدبت هؤلاء الأوباش لتنفيذ المهمه , والحقيقه أنهم أحسنوا فيما أختاروا لهذه المهمه التي لا يجرأ على تنفيذها الا الوحوش الكاسره من أمثال داعش المجرمه.

أن توسع داعش الأفقي والعمودي وبشكل صاروخي بما حصلوا عليه من دعم مالي وأعلامي من دول الجوار ,لدليل على تورط دول كبرى, وعلى رأسهم أمريكا وأسرائيل, والسبب أن هذه الدول لا يمكنها أن تغامر في هكذا أحداث بدون ترخيص وموافقه أمريكيه, وخاصه أن هذه الدول السانده لداعش تدور في الفلك الأمريكي أساسآ.

ولكي نكشف الجسور بين التتار وداعش ,علينا معرفة ما يتصف به التتار من خصائص وصفات وهي تتمثل ب

*سرعة الأنتشار

*أعداد هائله من البشر

*تحملها للظروف القاسيه

*أنهم بلا قلب,حروبهم تخريبيه,يمتلكون طبائع دمويه لا تصل اليها أشد الحيوانات شراسه.

*عدم قبول الآخر,فهم يؤمنون بالقطب الواحد

*التظاهر بالدين,وأنهم ما جاؤوا الا لنشر العدل وأقامة الدين ويخلصوا البلاد من الظالمين

*قوة التتار قوه همجيه بشعه, ظهرت فجأه وليس لها مخزون ثقافي أو حضاري يسمح لها بالتفوق على الأخرين,فهي ليس لها قوه الا قوة الهمجيه والحرب البربريه لفرض سطوتها على من حولها.

من أخلاق التتار عند دخولهم أي مدينه ,هو قتل رجالها والأسر والأعتداء الجنسي على النساء , وهذا ما ذكره (أبن كثير) في كتاب ” البدايه والنهايه” فيقول (أرتكبوا الزنا مع البنت في حضرة أبيهاومع الزوجه في حضرة زوجها) حتى أنه يقول أنهم أشعلوا النار في دور مدينة بخارى ومدارسها ومساجدها,حتى أن جنكيزخان قد قتل الرجال والنساء والأطفال في مدينة مرو, وكانت جريمه لا يتخيل بشاعتها,حتى قيل أن المدينه قد فنيت , وهذا ما جعلها عبره لغيرها من المدن.

أن هذه المواصفات والخصائص التي تمتع بها التتار, كان الهدف منها أرسال رساله الى الشعوب والدول المحيطه بهم مفادها أن التتار لا يرتون الا من الدماء , ولا يقر لهم قرار الا بالخراب والدمار وأنهم لا ينهزمون ,فعمت الرهبه بين الناس . هذه نظرية الرعب التتاريه وجدت لها ما يتبناها اليوم من الدواعش وهم أجدر بتبني هذه الصفات, فجعلوا من أنفسهم توأم للتتار في القرن الواحد والعشرين ,فأستنسخوا أستراتيجة الرعب التتري ,بل ولعل الدواعش أضافوا أليها ,مما رشحهم لخلافة التتار اليوم , ولكن بنسخه داعشيه. طبعآ هذا لا يمكن أن يكون لولا توفر نفس الطباع وتماثل لنفس السجايا,فكلاهما ذوي أصول بدويه وكلاهما يملك قلوب كالحجاره بل أشد وأقسى.

كذلك من الأمور المثيره أن تخطيط هولاكو لدخول بغداد كان عبر أتفاق بين هولاكو وبعض الممالك الأسلاميه بشمال وغرب العراق (تركيا وسوريا) حيث كان معظم هؤلاء من الأكراد وهذا ما جاء في كتاب “قصة التتار” من تأليف الدكتور راغب السرجاني, ومن الأمور العجيبه أن أمير الموصل أنذاك والمدعو بدر الدين لؤلؤ أرسل فرقه عسكريه لمساعدة جيش التتار. ياسبحان الله ما أشبه اليوم  بالبارحه ,حيث محافظ الموصل أثيل النجيفي وبعض القيادات العسكريه هي من تواطأت مع الأرهاب الداعشي.لم يكن هذا أخر المطاف الشبه بين الدورين. حيث كان للتتار جناح سياسي موالي لها وهذا ما سهل مهمة دخولها بغداد وهذا ما كان متمثلآ في أحد المشاركين في حكومة بغداد أنذاك ألا وهو المدعو مؤيد الدين العلقمي, واليوم يمثل هذا الدور لصالح داعش  بعض السياسين من ذوي الجذور البعثيه والطائفيه ,حيث يمثلون اليوم غطاءآ سياسيآ لداعش في بغداد ,بل جل عمل هؤلاء هو التمهيد والتسهيل لقدوم داعش الى بغداد.

أن خيانة البعض  هو ما جعل الجيش التتري يدخل بهدوء وكأنه في نزه والناس ينظرون لهم بعين الرضا على حد قول الدكتور راغب السرجاني, وهذا هو عين ما حدث اليوم في الموصل عند دخول الدواعش حيث رحب به الكثير من أهالي الموصل والبعض من سياسييها وعلى رأسهم محافظها أثيل النجيفي.

كذلك من الأمور المثيره هو أن الطريق الى بغداد يأتي عبر قتل وأضطهاد الشيعه على يد التتاروهذا هو ما حدث للشيعه الأسماعيليه في شمال وشمال غرب أيران, ومن الملفت للنظر اليوم أن داعش من ضمن أول أولوياتها هو قتل الشيعه عبر مجازر التفخيخ والذبح والنحر الجماعي وهو ذات الهدف الذي قصده التتار في التقدم الى بغداد. أن العقبه الوحيده أمام داعش للأحتلال بغداد هو الشيعه وهذا ما جعلهم الهدف الأول لأرهاب داعش, وأخيرآ وليس آخرآ , أن ما ميز أحتلال هولاكو لبغداد هو حرق مكتبة بغداد وتدمير كل ما هو حضاري فيها , وهو عين ما يفعله داعش اليوم من هدم وتفجير كل المنجزات الحضاريه في الموصل , وفي كل ما تصل اليه أيديهم . وكما أن التتار أبدلوا مظاهر الحضاره بمظاهر القوه والعنف ,سار اليوم الدواعش على طريق أسلافهم ,وهو أن أستراتيجية الرعب والخوف ومظاهر البطش ,هو التمظهر الوحيد للقوه ,ولا تعلوا عليها قوه أخرى.

نستنتج مما سبق أن ضعف الخليفه العباسي , وخيانة البعض وتآمر الأخر , وأنتشار كل مظاهر الفساد الأداري في الدوله العباسيه كان السبب لدخول المغول الى بغداد , وهذا هو اليوم وبوجود السبب نفسه , وصلنا الى نفس النتائج, حيث سجلت داعش جولة أنتصار على حكومة بغداد , وأستباحت جزء كبير من شعبه, وما كان ذلك ليكون لولا خيانة فئه ومروق أخرى.

اليوم الشعب العراقي بكل قواه الشعبيه والسياسيه أمام موقف ولحظه تاريخيه ,أما أن يقدم العراق على طبق من ذهب لداعش وعندئذ يسدلوا الستار على أقدم حضاره في التاريخ ويكونوا من الشعوب الغابره ,وأما الوحده والصمود ,بأستنهاض كل قوى البطوله ,بوجه تتار العصر , وجعل العراق مقبره لداعش ,والذل والهوان لكل من ناصر وتخاذل وآوى الغزاة.

أياد الزهيري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *