اياد الزهيري

Loading

(علل نجهلها)

يذهب البعض في وصف حالة التصدع المجتمعي والتفرقة والصراع الحزبي في مجتمعاتنا  الى الحالة الدينية ، وإن الدين هو من صنع هذا الأنقسام والطائفية هي من عمقته . أنا لا أنكر ما للطائفية من أثر في أحداث الأنقسام والتمزق المجتمعي ،لكن ينسى هؤلاء إن هناك أسباب وعلل عميقة وخفية تقع خلف حالة التصدع التي تعاني منها الأمة . من المعلوم إن لكل أمة روحية وسمات وخصائص تختص بها عن غيرها ،فمثلاً نرى إن هناك أمة كريمة كأمة العرب ، وأمة شرسة  كأمة الترك ، وأمة مقاتلة كالأمة الرومانية ، وهكذا لكل أمة روح تميزها عن الأخرى ، وهذا ينطبق أيضاً على الشعوب كما على الأمم ، فهناك شعوب تتسم بالطف والتسامح كالشعب المصري، وهناك شعب يتسم بالأنفعال وسرعة الغضب كالشعب العراقي ، وهناك شعب يتسم بالجفاء وجلادة الطبع كالشعب السعودي وهكذا ، فمن سمات الأمة العربية وجود روح الأنقسام والمنازعات ، ويشهد على ذلك الحروب والمنازعات الكثيرة والطويلة الأمد وأعتقد حرب البسوس ، وداحس والغبراء ، وما عُرف من حروب بينية في جزيرة العرب بين قبائلها ، أمر في غاية الوضوح ، حتى أنهم لم يشتهروا  في الزراعة ولا بالصناعة ولابفن ، وأنما أشتهروا بغزوات بعضهم لكي يقومّوا حالتهم المعيشية  ، وظلت هذه الصفة ليومنا هذا فلا الأحزاب القومية وحدت بينهم ،ولا الأحزاب الدينية ولا الوطنية ، لأن كل هذه المنظمات لم تستطيع تغير سمة متجذرة في نفوسهم ، فنفوسهم تأبى الوحدة وتميل للتشرذم والأختلاف ، حتى أصبحت المغالبة صفة لهم وعلامة تدل عليهم ، والمغالبة تدفع المتنافسين الى الحسد ، والحسد نقيض الأجتماع ، كما إن المجتمع العربي يتسم الكثير من أفراده بالزهو ، والزهو يفترض التراتبية الطبقية ، وعكسها التواضع ، الذي يميل صاحبها الى التماهي مع الناس ويرفض الخيلاء عليهم ، ويشعرهم أنه واحد منهم ، وهذا ماجعلهم على طول التاريخ منقسمين  على نفسهم ، لأن أفراد هذه الأمة تميل الى التباهي والشموخ والمجد الشخصي والذي تقدمه على مجد وعلو الأمة مجتمعة ، لذلك يخطأ الكثير في تفسير الكثير من الأحداث والظواهر الأجتماعية التي تعيشها الأمم والشعوب في عصرنا هذا  لعدم معرفتها بالعلل الحقيقية والتي غالباً ماتكون خفية وعميقة ، ويعلقوا أسبابها بسذاجة على أسباب واهية ، ومن هذه الأسباب التي يدّعون ، ويعلقون عليها ما بهم من تشتت وضعف هو الدين ، في حين أن الدين هو من يدعوهم الى الوحدة كقوله تعالى (وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا…) ، والحديث النبوي القائل ( مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل لجسد الواحد أذا أشتكي منه عضو تداعى له سائل الجسد بالسهر والحمى)  وأن الدين الأسلامي بالخصوص قائم على شعار توحيد الكلمة وكلمة التوحيد. إذن روح الإنقسام ونزعة الأحقاد التي تنطوي عليها نفوس بعض الأمم والشعوب ، هي العامل الرئيسي في سبب أنقسامها وضعف قواها .

أياد الزهيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *