Loading

من عبقات عاشوراء

في أحد الأيام شاءت الصدف أن ألتقي بشخص أرتيري كان يدور فيه الحديث عن أوضاع الجاليات في السويد, فقال لي مفتخرآ . أننا نحن الأريتريون وبتخطيط وتوجيه من السفاره الأرتيريه في السويد حيث تدعونا الى لقاء جماعي سنوي حيث ننظم مخيم تجتمع فيه عشرات العوائل الأريتريه لمدة يوم أو يومين يكون الهدف منه هو التعارف والتواصل الأجتماعي بين أفراد الجاليه الأريتيريه أضافه الى زيادة اللحمه الوطنيه وتعزيز هويتهم وكذلك سد الطريق لعدم الأنصهار الكامل لأأبنائهم بالمجتمع السويدي وكذلك ممارسة التقاليد والعادات الأريتيريه بينهم . فقلت في نفسي هذا عمل ذكي ورائع وينم عن روح وطنيه عاليه يستحق التقدير, ولكن تبادر الى ذهني كم نحن محظوظين حيث أن أستشهاد الأمام الحسين (ع) أعطانا فرص ذهبيه للقاء بينا وبشكل عفوي وتلقائي يجمعنا فيه حب الحسين (ع) . حينها تواردت لي أفكار كثيره تختزنها القضيه الحسينيه بما تمتلكه من أمكانيات يحسدنا عليها الكثير بل يتحسروا ألمآ وحسدآ لو أنهم يمتلكون ولو الجزء اليسير منها. أدراكآ لفائدتها وتقديرآ لما تختزنه من طاقات جباره يمكن توظيفها لقضاياهم.

هنا يأتي السؤال عن كيفية توظيف مناسبة عاشوراء الى محطه تزودنا بطاقه الحياة وساحه للم شملنا وتعزيز وحدتنا لو أجدنا أدارة هذة التجمعات الحسينيه .

حقآ قد يغفل الكثير عن قدرة عاشوراء وما تختزنه من أمكانيات كبيره في خدمة محبي أهل البيت (ع).أنا لايمكن لي أن أجمل كل مايوفره عاشوراء لنا من أمكانيات وفرص لبناء الأنسان ولكن سوف أشير الى بعضها وبشكل أجمالي , ولكن قبل أن أبدأ بالأشاره لها أنقل لكم ما أوردته قناة الفيحاء الفضائيه نقلآ عن مجله أو جريده سويديه خبرآ مفاده أن الحكومه السويديه قامت بمشروع يهدف الى أفشاء السلام بين الجيران في المنطقه الواحده وتعزيز العلاقه الأجتماعيه بينهم , وكانت تكلفت هذا المشروع عشرات الملايين من الكرونات السويديه. كلها من أجل محاولة أيجاد علاقه طيبه وحميمه بين الناس . وهذا المشروع طبعآ لم تقدم عليه دولة السويد أعتباطآ أو لهوآ , لأن الدول لا تضع ميزانيه ماليه لمشروع الا وهناك مبررات مقنعه وأسباب وجيهه لذلك. ومن هذه المبررات أنهم رأوا أن لبرود العلاقات الأجتماعيه بين الناس له أثر سلبي واضح على صحة المجتمع , وكذلك المستوى المتدني له علاقه صميميه بأنخفاض أنتاجيته وهذا الأمر واضح من خلال أستبيانات تقدم عن عدد المرض وخاصه من ذوي الأمراض النفسيه والذين يأخذون بدل مالي عن ذلك وهم بعيدين عن سوق العمل وهذا بالطبع ما أقلق المسؤولين السويدين خاصه والأوربيين عامه . كذلك ما أثار أهتمام علماء الطب المجتمعي والنفسي في السويد . ولازالت المشكله قائمه الى اليوم.

أما بالنسبه لنا نحن من محبي أهل البيت (ع) لن نعاني من هذا المشكل لأسباب عديده ومن أهم هذه الأسباب هو عاشوراء . هذه الفعاليه التي يقوم بها الحسينيون تعبيرآ يساهم فيه الجميع بكل ما يستطيعون ماليآ وجسديآ , صغارآ وكبارآ بأنشاء مجالس يذكر فيها الحسين (ع) ومآثره العظيمه ومواقفه الشجاعه.

من هذه المجالس الحسينيه. مجالس مدينة كريستيان أستاد حيث تظافرت جهود المؤمنين باقامت مظاهرالعزاء والتي تجسدت فيها روح الأخوه بين أبناء المدينه. هذه المجالس كان لها الأسهام الجميل في خلق جوآ صحيآ وعيادتآ روحيه أشتم فيها الحاضرون عبق الأيمان وأحسوا فيها بمشاعر الود والسلام وأنكسرت فيها غلواء الأحقاد بين المتخاصمين. حقآ كانت عشر ليالي غرفت فيه النفوس شراب الطمأنينه , فعادت وأستقرت هادئه مطمئنه نازعه عنها ثياب الضغينه وألبست بدلآ عنه ملابس الحب والسلام , فكانت الوجوه مستبشره بما تزودت فيه بطاقة متجدده من الأمل والشعور بالمعنى , فامتلئت النفوس بطاقه تعيد لها عافيتها . وهكذا يكون عاشوراء محطه تزودنا بوقود الحياة بعد أن لا حت عليها علامات الشلل والذبول.

هذا هو الخزين الطاقوي الذي تنبض فيه قضية الأمام الحسين (ع) وهو خزين لا ينفذ وأن كان هناك من يريد أفراغه من محتواه عن طريق زرع الفتنه بيننا أو محاواة التشكيك في مفرداته لكي يسلب منا هدية السماء وجوهرة الزمن التي لا تعوض.

ونحن هنا لا ننسى أن لعاشوراء في أوربا وقعآ خاصآ للمهاجرين من محبي أهل البيت (ع) حيث يشكل بلسمآ لجراحاتهم وعامل وقائي عظيم في حفظ هويتهم الثقافيه والدينيه وسدآ منيعآ لحماية أبنائهم من الأنصهار الكامل في هذه المجتمعات. وكان عيادتآ نفسيه وروحيه لكل من تاه منهم في صحاري الغربه القاسيه حيث يكون الحسين (ع) حبل نجاتهم وبوصلة أتجاههم نحو النجاة , وهذه هي بالحقيقه أهداف القضيه الحسينيه وهي أهداف ينبغي علينا أستيعابها جيدآ , لأن المعرفه الحقيقيه بها يكون مدخلآ للعمل بها.

أن أيجابيات العمل المشترك لجمعيتي الأمام الهادي (ع) وجمعية الوحده الأسلاميه في مدينة كرستيان أستاد كثيره وكبيره ولايمكن حصرها بسطور معدوده ولكن من المهم أن نذكر بعضها ومنها أن العمل المشترك بين الجمعيتين قد ساهم وبشكل كبير في خلق جوآ أيجابيآ رائعآ تجلى في هذا الحشد الكبير الذي لم تألفه مدينة كرستيان أستاد من قبل , وما كان لهذا الحشد أن يتحقق وتحت أي سبب كان لولا بركات سيد الشهداء (ع) . فكان فرصه رائعه للتواصل الأجتماعي الذي خلق الكثير من فرص اللقاء الودي بين أبناء الجاليه وهو لقاء تعارفي جميل أضافه الى أنه يمد الجسور بين أكثر من جيل بين أبناء الجاليه . فيأخذ فيه الشباب من الكبار والأطفال من الشباب أصالة العادات الجمليه , فينتقل الكثير من الموروث الأيجابي عبر الأجيال وهذا بحد ذاته أنجاز كبير يستحق الثناء للمؤسسين لمثل هذه المجالس وأمنيتنا أن تكون هذه التجربه لهذا العام بعد ممارسه ناجحه وموفقه في أقامة المراسيم العاشوريه بدايه وعي حقيقي لعاشوراء وتجربه ملهمه لكل العاملين في الحقل الحسيني أنشاء الله.

أياد الزهيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *