لا تبكوا وأتبعوني الى الصحراء
الكثير يعلم مقولة سيدنا موسى (ع) عندما دعى أصحابه بالكف عن بكاء فقد الأوطان الذي لا طائل من وراءه, ملوحآ لهم بنزع ثوب الحزن والحداد والشروع باالعمل, أيمانآ منه بأنه الوسيله الوحيده لرفع الضيم الذي لحق بهم من قبل فرعون وأزلامه. مؤمنآ بكفالة العمل بقلب صفحة المعاناة وتحقيق المنجزات والأهداف العظيمه . وكان (ع) أول عمل أشار اليه هو التوجه الى الصحراء , بادئآ الخطوه الأولى بنفسه , متقدمآ اليهم بشخصه الكريم ليشقوا طريق الخلاص بأيديهم, وهذا هو مفهوم التوكل على الله الذي فهمه الأنبياء في أزاحة ستار الظلام الذي خيم على بلادهم وأمتهم.
هكذا يقود الأنبياء مسيرات التغير بأيديهم تتقدمها أشخاصهم الكريمه معلنين الجهاد على الظالمين مؤكدين أن التغير لا يمكن ان يحدث بدون عناء وجهود الشعوب.
ونحن كمسلمين وبحكم الصله العضويه والروحيه مع تلك الشخصيات العظيمه نكون أولى من غيرنا لأن يكونوا لنا أسوه حسنه , لأننا جميعآ نستمد نور الهدايه من مشكاة واحده ولكن للأسف أن الواقع ينطق بصوره مغايره , صوره نكون خلالها أبعد الناس عنهم في أرتشاف معاني الخير من ينابيع مجدهم. مستفيده عناصر لا تمت الى نور النبوه بصله ولا يملكون الا ادعاء الأنتماء اليهم والدليل هو ما تعكسه حقيقة وجوهر منطلقاتهم العقائديه وروح أفكارهم السياسيه ذات النزعه العدوانيه كاالصهيونيه, والمنافيه جملتآ وتفصيلآ للروح الموسويه الشريفه. ولكن وتمشيآ مع النظره ا لصهيونيه البرغماتيه , والتي تعتمد أساسآ على الوقائع الموضوعيه , وبحكم معايشتهم له, وصلوا الى نتيجه مفادها تحشيد كل الوسائل الكفيله بتحقيق أهدافهم العنصريه. ونظرآ لأستخدامهم العامل الديني في تكوين خطهم القومي . وهذا طبعآ أطار غريب في تكوين القوميات, تراهم لا يستبعدون نصوص دينيه في تحشيد جماهير الشتات اليهودي والأستفاده من مخزونها الهائل في دفع حركة الجماهير على أيقاعاتها الثوريه. معتبريها نصوص مقدسه قادره على صنع حركه جماهيريه واسعه وجسور ضخمه للعبور الى أهدافهم الكبيره.
هذا جانب من جوانب نمطية العقل اليهودي في عمليات التحشيد الجماهيري للاأتباعهم ولكنه لم يكن الجانب الوحيد في هذا الأتجاه حيث أندفع العقل اليهودي للبحث في منجم كل الديانات الألهيه والوضعيه من أجل تحشيد الوسا ئل الكفيله في تحقيق أهدافهم القوميه.
أن الشئ المهم ليس أكتشاف النصوص الكفيله التي تساعدهم في أستكشاف خطوط السير الصحيحه ولكن المهم هو تفاني قياداتهم في تنفيذها, جاعلين من أهدافهم أهداف مقدسه يتصاغر كل كبير فيهم دونها. وهذا هو الأخلاص الحقيق للمبادئ. أن ألقاء نظره سريعه على بعض قياداتهم , لرأينا ركام هائل من المنجزات الأستثنائيه صنعوها لشعب أسرائيل . فهذا هرتزل الصحفي النمساوي الذي وظف جل جهده الصحفي وعلاقاته السياسيه مع كبار الساسه في أوربا في سبيل أيجاد وطن قومي لشتات اليهود في العالم ناذرآ نفسه في سبيل هذا الهدف الغير مقدس , جاعلآ نصب عينيه ما يدعيه من وجوب رجوع اليهود في العالم الى أرض الميعاد ضروره تاريخيه وأنسانيه ودينيه. فلم يستقر له بال ولم يهدأ له فكر الا بتحقيق هدف يعتبره مقدس وأمتداد لرؤيه موسويه يعتقد بها هو. هناك نموذج أخر للصهيوني (حايم وايزمن) ذلك الباحث الكيمياوي الذي خلص لأهدافه الصهيونيه في توظيف كفاءته العلميه وأستثمار موقعه العلمي في دوائر بريطانيا وامريكا , طالبآ مكافئه سياسيه جراء جهوده البحثيه لصالح هذه الدوائر بتمكين اليهود من تاسيس وطن قومي لهم , متوجآ جهوده بأنتزاع قرار (وعد بالفور) بأنشاء وطن قومي الى اليهود. وهكذا بنوا هؤلاء الرجال لوطنهم قوه أغرت الكثير من الهروله أليها والسقوط في احضانها , لتعطيهم الفرصه في البقاء على كراسي الحكم ولو لبعد حين.
أن ما تقدم من الكلام يجعلني أرمي بطرفي على رؤساء ضيعوا أوطانآ موجوده أصلآ. ودمروا شعوب ضاربه جذورها بأعماق التاريخ . أذن ما أحوجنا لقاده لهم من الهمه وبعد النظر والأخلاص لشعوبهم بما عند هؤلاء مع صرف النظر عن مشروعية اهدافهم .
نرجع الى قصة تأسيس أسرائيل واستقالة بن غوريون من رئاسة الوزراء بعدما اسس دولة ذات مؤسسات قويه وجيش قادر على حماية أسرائيل ومقولته الشهيره لرئيس جمهورية أسرائيل (أسحاق بن زفي) (لم تكن أسرائيل في يوم من الايام عقيمه من الرجال , فكل أنسان أيآ كان منصبه ومركزه الى زوال , أما الوطن فأنه خالد لا يزول) . هذا هو مفهوم الوطنيه عند بني صهيون, وهكذا غادر (بن غوريون) بسيارته ومعه زوجته (باولا)ورفع يده مودعآ الجميع قائلآ (لا فائده من البكاء..اذ الأفضل أن تتبعوني الى الصحراء).
وهكذا جسد بن غوريون مقولته فعلآ حين ذهب الى مستعمرة (سد بوكر) الصغيره ليعمل هناك مزارعآ يزرع الأرض ليكون قدوه للشباب الأسرائيلي في حثهم الى بناء المستعمرات والعيش في الصحراء وتحمل الأعباء في سبيل أنجاح الخطه الأسرائيليه في فرض الأمر الواقع على العرب من خلال أنشاء المستعمرات في الأرض العربيه المحتله. لم يقف بن غوريون عند الزراعه فحسب بل رعى الأغنام والأبقار مستعيدآ للشباب الأسرائيلي أن نبيهم موسى (ع) كان يرعى الغنم , فلماذا هم يركنوا الى الراحه والدعه ناكرآعليهم الكتفاء بالثرثره بالمبادئ التي أستعاروها من غيرهم أبعد ما يكون هم عنها, ولكن في فكر هؤلاء هو عند الضروره لا يمكن الأستغناء عن كل ما يخدم قضيتهم ويفعل حركت جماهيرهم في تحقيق أهدافهم الكبرى.
أن ما قدمناه من نموذج لقيادات صهيونيه عملت على تغير الواقع لصالح أسرائيل لا لأننا لا نمتلك نماذج ورموز تاريخيه في ماضي الأمه وحاضرها, ولكن السبب هو المفارقه بين شعبين. شعب يستعير المبادئ ويقننها حسب ما يحقق أهدافه , وشعب يعتبر الوارث الحقيقي لها , ساهم في الحفاظ عليها رجال الأمس ليضعوها بين يدي أجيال اليوم . وبما أننا نعيش اليوم عصر اللاتوازن الفكري . يحاول البعض قطع حبال الوصل مع التراث العظيم للأمه, محاولآ أستبعاده كأداة في معالجة واقعه المريض مؤثرآ الراحه والدعه والثرثره بالمبادئ على العمل الجاد والمنتج.
عزيزي القارئ أن الأنتماء الحقيقي للوطن وللقضيه وللمبادئ يمر عبر الأيمان الحقيقي بها ,ولكي نبعث نسمة الحياة فيها ونمدها بطاقه في رسم الحركه الواعيه وتحرير الوطن من اعداءه وأن كان بعضهم من أبناءه وصيانة مقدساته تسترعي من المخلصين لهذا الوطن والحريصين عليه من ابناءه المخلصين وحدة الكلمه ورص الصفوف أمام مخطط طائفي يتأبط شرآ بالعراق وأهله ويحملون في أجندتهم مخططات شريره لا نبرأ فيها بعض جيران العراق وخاصه من يرتعدون من التجربه الديمقراطيه في العراق خوفآ على مستقبلهم السياسي . هذه التجربه أن نجحت فسوف تدق نواقيس الخطر على ملك يعتبرونه عظوظ, لذا أستيقظت فيهم كل نوازع الشر والضغينه على العراق وخاصه أتباع أهل البيت (ع).أن ما أشار اليه سيدنا موسى (ع) نحن أولى بهذا الموروث من غيرنا أمام مرحله بالغة الخطوره ,تتطلب منا جواب (أن نكون أو لا نكون). فأن أخترنا أن نكون فلنستوحي كلام الرسول(ص) عندما وزع العمل بين أصحابه في أحد الرحلات في تحضير الغذاء فوزعوا الأعمال بينهم وأرادوا أن يكفوا الرسول معاناة العمل فقال أني أحب أن أشارككم أعمالكم وهكذا اليوم نحن احوج ما نكون في المشاركه في العمل الذي يضع حدأآ لأأعتداء المعتدين سواء كان هذا المعتدي يعيش بين جنبيك أو ياتي من خارج الحدود لأن المعركه هي معركة وجود و لا وقت للبكاء لأن الوقوف فيه سوف يسرق منا وقت العمل وحينها لا سامح الله يحدث ما لايحمد عقباه وعندها لا يجدي الندم.
أياد الزهيري
شيخ عزيز
الاستاذ العزيز الزهيري دام مزهرا
السلام عليكم
اولاً اشكر لشخصك الكريم مرورك على مقالي ( صحراء كربلاء) , وتعليقك الجميل .
ثانيا : استغرب من عدم نشر تعليقي الذي ذكرته في مقالي تحت مقالك الرائع هنا .
محبتي ومودتي .
المخلص اخوكم الشيخ
شيخنا العزيز ان عدم نشر تعليقك في صفحة مقالتي من اختصاص الاخ سيد عمران واني قراءت مقالتك وعلقت عليها في نفس الصفحه وشكرأ لتعليقك واهتمامك. اياد الزهيري شيخ عزيز بارك الله بكم جميعاً .