المطلوب أعادة صناعة شرق اوسطي جديد
أن الأطروحه الأساسيه التي يقدمها العالم الغربي وخاصه الأمريكي لخلق عالم شرق أوسطي جديد تقوم على ركيزه أساسيه ومركزيه تكون هي حجر الزاويه في هذا التحول , الا وهو أعادة تصنيع هويه ثقافيه بديله لهذه الشعوب. أن الهويه الأسلاميه هي الأساس في رسم العالم الأسلامي والجذر الحقيقي لكل القيم الأجتماعيه والسياسيه لهذه الشعوب , لذا لا يمكن أحداث أي تغير في صورة هذا العالم أو بالأحرى لا طريق لشرخ التماسك الحضاري لهذه الشعوب الا من خلال أهتزاز الهويه الثقافيه في نفوسهم , وهذا يتم من خلال أستحداث قيم متصادمه وتصورات متناقضه تتوج بحروب مجتمعيه تبدأ بمظاهرات سلميه لتنتهي بأقتتال داخلي يقسم هذه المجتمعات.
عادتآ يعد منظروا الأمبرياليه العالميه بالتعاون مع معاهدها الأستراتيجيه سيناريوا يقوم على أبعاد مختلفه مثلآ أنه لا يكتفي فقط بالفارق الأقتصادي بين الشعوب أو بين طبقات المجتمع الواحد , وهو لا شك أحد أسباب الصراعات الدوليه والأحتقان بين طبقات الشعب الواحد ولكن ولكي يذهبوا الى أبعد من ذلك الا وهو محاول صنع حروب هويات على أسس ثقافيه ودينيه والذين هم يعتبروها هي الأهم والأخطر والأكثر حساسيه والأسرع في أشعال الحروب.
أن الفارق الأقتصادي قد يمكن تلافيه بأي محاوله لتوزيع الثروه في ظل أصلاح أقتصادي شامل كما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي عند الكساد الأقتصادي العالمي والذي كان أحد أفرازاته ظهور مبدأ الضمان الأجتماعي كطريق لحل الأزمه الأجتماعيه آنذاك . ولكن الفارق الثقافي عندما يحرك بطريقه غرائزيه في وسط جماهيري تنقصه الكثير من الرؤى والوعي يتحول الى غول يصعب السيطره عليه مما يتسبب في تهديد كيان ووحدة نسيج هذه المجتمعات , فتكون حينها على كف عفريت كما هو يبدو الأن , فما أن يحدث نزاع الا وسرعان ما يتحول الى حرب أهليه وحينئذ تنتشر هذه الحرب كأنتشار النار بالهشيم فيضعف فيها الجميع وتستنزف فيها كل القوى مما سيؤدي بالغرب القوي والمعافى الى محاولة لفرض نفسه كقوه متنفذه يكون فيه الجو أستسلاميآ الى حد النخاع حينها تكون الأمور مؤاتيه ليفرض الغرب فكرته التي يريد وهو ما يسميه بالحضاره الغربيه.
لا شك أن أقوى دعامه وأرسخ صفه للهويه الحضاريه هو الديانه حسب ما يقوله الكاتب والمفكر السياسي هنتغتون ويرى أنه الخاصيه الأساس للتعريف بالحضاره,وهنا يتبادر لنا لماذا التركيز على الصراعات الطائفيه وما هو المحرك لها وما هو المستفيد منها لأن الصراعات الطائفيه هي من يسسد أقوى الضربات وأكثرها تأثيرآ على القناعه الدينيه وهنا هو بيت القصيد.
أن الهدف من أعادت التصنيع لهوية هذه الشعوب هو أن هذه الهويه هي الأساس في تشكيل المواقف الأقتصاديه ورسم السياسات الدوليه , لذا يكون من المهم تسديد ضربه قاصمه لهذا الركن الأساس في تشكيل هوية هذه الشعوب , ولكن التركيز على هذا الجانب لا يعني أهمال الجوانب الأخرى فمثلآ بأن التقسيم للعالم الأسلامي بأيجاد التقاطع والتناقض القومي وتشجيع الهويه القوميه والعمل على أبراز التيار القومي ذات النزعه الشوفينيه مما ساهمت في ظهور التيارات التركيه ذات الصبغه القوميه والعنصريه مثل جمعية (تركيا الفتاة) في زمن الدوله العثمانيه ذات التوجه الأسلامي , حينها شجع الغرب وخاصه بريطانيا العناصر العربيه ذوي النزعه السلطويه فأغرتهم بقيادةالعالم العربي بشرط الوقوف بوجه الدوله العثمانيه والأنفصال عنها ولكن عند تفكك الدوله العثمانيه وتحقق لهم الهدف بتمزيقها والتي كانت تمثل لهم سدآ منيعآ لأحتلال الشرق الأوسط والممانع لأنشاء دولة أسرائيل حين رفض السلطان عبد الحميد الثاني أعطاء فلسطين لليهود , فأصبح حينها حجر عثره في طريق تأسيس هذا الكيان الغاصب ,ولكن ماذا كانت النتيجه . حيث كانت عدم الوفاء لتعهداتهم ونفي الشريف حسين . أن تغذي التوجهات القوميه ولذات الأغراض قائم وليومنا هذا وما محاولات الأنفصال على أساس قومي في العراق الا أمتداد لهذا السيناريو وكذلك تشجيع التوجهات القوميه في المغرب العربي حيث رفعوا شعارات تقرير المصير وحماية الأقليات القوميه والدينيه فبرزت في الساحه المغربيه دعوات التقسيم على أساس عربي وأمازيغي وبهذا يكون المغرب العربي بأنتظار مشروع تقسيمي على أساس قومي وفي ليبيا هنا ما يدعو الى التقسيم على أساس العرب والطوارق في الجنوب وهكذا الأمر في أيران حيث يذكي الغرب النزعات القوميه هادفين الى تقسيمها الى أكثر من دوله حسب تعددهم القومي ( عرب , بلوش, فرس, تركمان , أكراد) . وبالتالي التخلص من حاله أيرانيه طالما صدعت رؤوس الغربيين بمحاولات أيران الراميه للدخول للنادي النووي وهذا ما يرونه خطرآ حقيقيآ على أمن أسرائيل.
أن سيناريوا تصنيع شرق أوسطي جديد لا يكتفي بذلك فادخل العامل الديني كعامل حاسم في المساهمه في التقسيم , فبدأ يروج بدعاوي حماية الأقليات الدينيه , فعزفوا على وتر عزل المسيحين عن المسلمين بادعاءات مختلفه فحدث ما حدث في لبنان من نزاع أستمر لسنين عديده مرغبين المسيحين اللبنانين بانشاء دوله مارونيه واخرى مسلمه ولكن لم يتحقق لهم ذلك وهكذا أججوا الفتنه بين المسلمين والأقباط تحت نفس الذرائع وهكذا الأمر في السودان حيث أنفصل الشمال المسلم عن الجنوب المسيحي.
ان الأمر لم يقف عند هذا الحد ففتحوا باب جهنم الصراعات الطائفيه وغذوها بأن أسسوا ورعوا توجهات متطرفه على أيدي أناس شاذين ومعتوهين لتنفيذ أخطر مشروع تمر به المنطقه وهو مشروع الأقتتال الطائفي والمعبرعنه واقعيآ بالحرب الأهليه والتي تنتهي حسب مخططاتهم بتقسيم المنطقه الى كاتونات طائفيه صغيره وهزيله يسهل السيطره عليها بل تعاني من أزمه الحاجه الى الغرب والذي سوف تساهم بذهاب خيرات هذه البلدان الى أوربا وأمريكا بكل أنسيابيه وبأرخص الأثمان بالأضافه وهو الأهم توفير محيط آمن لأسرائيل وهو المحيط الذي يتسم بالأستسلام والخضوع أمام قوة وجبروت أسرائيل , فتكون النتيجه شعوب بائسه أمام شعب أسرائيلي مرفه . شعوب هزيله أمام شعب أسرائيل القوي وعنئذ يتحقق الهدف المركزي الا وهو تفكيك مرتكزات الحضاره الأسلاميه وتوزيع تركتها ومسخ شعوبها وبالتالي صعود نجم الحضاره الغربيه وأعلان مركزيتها عالميآ بأعتبارها الحضاره الأخيره في سلم الحضارات العالميه وهي من فازت بالبقاء وهي حسب قولهم حتميه تاريخيه لا مفر منها وعلى أساسها سيتشكل العالم ويعاد ترتيب احداثه من جديد وهنا تتحقق نهاية التاريخ كما يزعم فرانسيس فوكوياما.
أننا يمكننا القول بأن الغرب لهم الحق في وضع نظريه عن مسقبل العالم وهي وجهة نظر تعنيهم ولكن المؤسف له أن شعوب العالم الأسلامي مع الأسف تستدرج لحرب طائفيه طاحنه وبوتيره سريعه ملبيه لطلبات أعداء الأمه سواء بوعي او بدون وعي مستخدمين أدوات جاهله وموتوره مستأجره لكتاب وعلماء دين (وعاظ سلاطين) باعوا ضمائرهم للأجنبي فقبلوا أن يكونوا جسر يعبر عليه المخطط الغربي الى عالمنا الأسلامي . هذه الأدوات مع الأسف تتمثل اليوم بدول مثل قطر والسعوديه والأردن وفي صور علماء دين أمثال العرعور والقرضاوي ومن لف لفهم وفي مجرمين وقطاع طرق من أمثال الزرقاوي وأحمد الأسير . هؤلاء هم وكلاء الغرب الأمبريالي ومندوبيه في المنطقه لصنع شرق أوسطي جديد.
أياد الزهيري