(الفصائل الغير منضوية تحت قيادة الحشد الشعبي وضرورة الأنضواء تحت راية الدولة العراقية)
الحشد الشعبي مؤسسة من مؤسسات الدولة العراقية ذات طابع عسكري ، وهي تعمل ضمن ضوابط وقواعد وتعليمات وقيادة الحكومة المركزية ، ولها قانون خاص بها مما يمنحها الصفة الرسمية والقانونية ، والحشد الشعبي من خلال جهاده البطولي ، سجل له تاريخ مشرف يقر به كل محبي الإنسانية ، ومحل تقدير واحترام الشعب العراقي لما قدمه من مواقف بطولية بالدفاع عن الوطن بعد هجوم داعش وأحتلاله لأجزاء واسعة من أرض العراق ، حتى وصل الى أطراف بغداد ، مما هدد حينها وجود الدولة العراقية ، أما حديثنا في هذا المقال فهو ينصب على الفصائل الجهادية التي لم تنضوي لحد الآن للحشد الشعبي الذي أصبح تحت لواء وقيادة الدولة المركزية ، وللتاريخ هذه الفصائل ساهمت كما ساهم بقية الحشد في طرد داعش الأرهابي وحماية أرواح الأبرياء من أجرام داعش المعروف بأساليبه الأرهابية ، وهذه الفصائل تتمثل بالنجباء ، وحزب الله العراقي ، التي لحد الآن لم تنضم الى بقية الفصائل التي أختارت أن تكون جزء من قوات الدولة العراقية ، وتخضع لأوامرها في الحرب والسلم .
هناك أسباب وجيه قانونية وشرعية وأمنية تدعو هذه الفصائل بالأندماج كبقية فصائل الحشد الأخرى الى قوات الدولة الدفاعية ، وهذه الأسباب كما ذكرنا أعلاه ، لكي تكتسب صفة قانونية ، وأن يكون لأفرادها صفة رسمية بحمل السلاح ، وأن تُحفظ حقوق مقاتليها الذين قضوا سنوات طويلة للدفاع عن الشعب والدولة العراقية ، ينبغي عليها الأنضواء تحت لواء الدولة لكي يساهم هذا الأمر الى ضبط حمل السلاح لدى المواطنين ، ويمنع أنتشاره ، لأن عدم حصر السلاح في يد الدولة ، لاشك يؤدي الى أنفلات أمني ،يزرع الرعب والخوف بين المواطنين ، ويؤدي الى أندلاع نزاعات مسلحة لأتفه الأسباب ، وهذا قد لمسناه في أكثر من مكان وجهة في العراق ، راح ضحيته المئات من العراقيين ، مما يؤثر على سمعة البلد خارجياً ، الذي يؤثر بدوره على الكثير من النواحي وخاصة الأقتصادية ،لأن أنتشار المظاهر المسلحة يجعل الشركات الأجنبية تحجم من المجيء للعراق في أقامة مشاريع أستثمارية تساهم في تطوير الأقتصاد العراقي ،وتقديم خدمات للمواطنين ،أضافة للتأثير السلبي للقطاعات الأخرى من أمنية وسياحية ، بالأضافة لما يحدثه من تداعيات نفسية على المواطن بشكل سلبي ، أما من الناحية الشرعية أعتقد بما لايقبل الشك لايسمح بهكذا أمر للسبب الذي أعرضه ، وهو كالآتي : من الملاحظ إن الأحكام الإسلامية التي لها قابلية التغير ، وهو تغير يحدث نتيجة لتغير موضوعات أو تغير القيود والملاكات لهذه الأحكام ، ومسألة حمل السلاح واحدة من هذه الأمور التي تخضع أحكامها للتغير ، وهو يدخل من ضمن موضوع الثابت والمتغير في الشريعة الإسلامية ، وهذا الأمر بالخصوص ينضوي تحت مجال منطقة الفراغ التشريعي ، وهو يمثل الجانب المرن من الأحكام التي يقدرها ويقررها مراجع الدين نظراً للظروف السائدة ، وما تقرره المصلحة العامة ، وما يحتاج له الواقع ، لأن الأحكام في الشريعة تدور مدار الملاكات من المصلحة والمفسدة، فتغيرها تابع لتغير تلك الملاكات ، أو بتغير موضوعاتها، وهذه المقدمة ضرورية لمعرفة جواز حمل السلاح من ناحية ، وعدم جواز حمله في ناحية أخرى ، فمثلاً كان حمل السلاح في عصر النبي (ص) والأئمة الأطهار جائز شرعاً، ولكن في عالم اليوم تغيرت ماهية الموضوع الى الحد الذي لايجرؤ فيه أيٌّ من الفقهاء في الأفتاء بجواز حمل السلاح ، ثم يعدّ فتواه هذه مطابقة للموازين الفقهية(روح الله الخميني، الاجتهاد والتقليد ص٩) ، أذن المسألة مناطة بتغير ملاك الحكم ، والحكم يتبع مقاصد الشريعة فيما يتعلق بالمصلحة والمفسدة ، وبما أن مقاصد الشريعة تدور مدار مصالح العباد كما يقول الشاطبي في كتاب الموافقات ج٢ ص٥٢٠ (فترى الشيء الواحد يُمنع في حالة لا تكون فيه مصلحة، فأذا كانت فيه مصلحة جاز)،
وحيث أن وجود فصائل غير خاضعة لسيطرة الدولة يضر بالمصلحة العامة للبلد والناس ، وقد يخلق حالة من الفوضى وعدم الأنضباط ، بل ويشجع مجاميع أخرى بالظهور بمظاهر مسلحة بحجة وجود أخرى لم تمنعها الدولة ، وتحت مبررات وحجج ملفقة ، يكون هنا من الواجب ، وما تقتضي الضرورة الملحة ، حفاظاً على سلامة البلد وأمنه ، هو أن تنضوي هذه الفصائل المذكورة أعلاه الى ملاك الدولة، وأن تسارع بالأنخراط تحت قيادة الحشد الشعبي ، وأن تكون جزء لا يتجزأ من القوة العسكرية للحكومة المركزية ، لكي لا يتعذر بها من يتصيد بالماء العكر ، من ذوي النوايا السيئة ،
و الارتباطات المشبوه والخارجية.
أياد الزهيري