العودة إلى الدولة / الجزء الثالث
أياد السماوي
في هذا الجزء من ردّنا على مقال ( العودة إلى الدولة .. القرار الأسلم والأصعب ) المنشور في جريدة الشرق الأوسط ، نود أن نسلط الضوء على الجزء الأهم في هذا المقال وهو العودة إلى الدولة التي اختزلها كاتب المقال في جزئية سلاح الجماعات المسلّحة ، وهذه الجزئية هي كلّ ما أراد الكاتب تسليط الضوء عليها ..
ولا شّك أنّ الدعوة لحصر السلاح بيد الدولة التي دعا لها سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني تختلف جذريا عن الدعوات التي تطالب بحل الحشد الشعبي ، وبمجرد الإيحاء بأنّ الحشد الشعبي يندرج تحت مفهوم الجماعات المسلّحة ، فهذا الإيحاء بحد ذاته عليه ألف علامة استفهام وتحوم حوله الشبهات ، فالحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية وجدت بموجب القانون وتخضع لسلطة الدولة والقائد العام للقوات المسلّحة ، وأيّ محاولة لإدراجها ضمن ما يسمى بالجماعات المسلّحة ، فهذه مؤامرة على العراق وشعبه ونظامه السياسي القائم ، والحشد الشعبي ليس مؤسسة عسكرية منضبطة فحسب ، بل هي المؤسسة الأكثر استعداداً لحماية وحدة العراق والدفاع عن أرضه وشعبه ومقدساته ، وهي المؤسسة الأنجع للتصدّي للتنظيمات الإرهابية العقائدية ، باعتبارها مؤسسة ولدت من رحم الفتوى العظمى التي أصدرتها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بعد اجتياح داعش لمساحات كبيرة من العراق ووصولها على مشارف العاصمة بغداد والأماكن المقدّسة في العراق ..
وأيّ محاولة لربط الدعوة إلى العودة للدولة ونبذ سلوك اللا دولة ، بالدعوة لحل الحشد الشعبي ، فهي تندرج ضمن مفهوم المؤامرة على العراق وشعبه ونظامه السياسي القائم ، ومفهوم العودة إلى الدولة يبدأ من خلال العودة للدستور والقانون ، فالخروج على الدستور والقوانين المعمول بها ، هو السلوك الحقيقي لمفهوم اللا دولة .. وإن كانت هنالك حاجة حقيقية للإصلاح ، فهذه الحاجة تبدأ من خلال إعادة كتابة الدستور ، وإزالة كافة الألغام التي وضعت فيه ، وإعادة كتابة بعض المفاهيم التي تسببت في إحداث شرخ في العلاقات بين مكونات الشعب العراقي ، كالفدرالية وتوزيع الثروات والصلاحيات بين المركز والأقاليم .. وهذا لا يعني عدم الحاجة إلى حصر السلاح بيد الدولة ، فهذه الحاجة باتت اليوم ضرورية وملّحة بعد التطورات التي شهدتها المنطقة والتي تتطلّب وعيا وحرصا مضاعفا في الوقوف مع الحكومة ودعمها ودعم المساعي السياسية والأمنية التي يقوم بها رئيس الوزراء من أجل تجنيب بلدنا وشعبنا مخاطر الإنزلاق لا سمح الله في حرب ستدمر كلّ ما تمّ بناءه خلال السنوات المنصرمة ..
أياد السماوي
في ١٩ / ١٢ / ٢٠٢٤