(جولات صراع جديدة تنتظر الشرق الأوسط )
تُشير التطورات المتلاحقة في منطقتنا ، الى بوادر مشاريع جديدة ، يكون أحد مقاوليها ، والفاعلين بها ، النظام الحاكم في تركيا ، وتركيا غير الحكومية خافية لنشاطها وأهدافها وتحركاتها ، وماقدمته من عربون المساعدة اللوجستية لإسرائيل في حربها ضد غزة ، أمر في غاية الوضوح بأن هناك بوادر مشروع جديد في الطريق ، يتحقق فيه تخادم تركي – إسرائيلي ،وقد تكلل هذا المشروع بدعم تركيا لجماعات أرهابية سورية ، تقوم بأسقاط النظام السوري ، الواقف بالضد من الطمع التركي في مناطق في الشمال السوري ، كما إن النظام السوري يمثل حجر عثرة لتوسع إسرائيلي في المنطقة ، وهو توسع يهدف كما مخطط له ببناء دولة الحلم الذي يمتد من النيل الى الفرات ، وهو مخطط معروف ، والعلم الإسرائيل أحد الشواهد عليه ،وهناك الكثير من الأدلة مايرجح هذا التعاون الإسرائيلي التركي ، وما يحدث الآن من أجتياح لسوريا بأدوات تابعة لتركيا ،وسكوت تركيا وأداتها المتمثلة بالنظام الجديد من أحتلال إسرائيل لأراضي سوريا ،وقصفها لكل القواعد العسكرية البحرية والجوية والبرية ، لدليل لا يقبل الشك على وجود نوايا مشتركة وتخادم بين تركيا وإسرائيل ، ومن أهداف المشروع التركي هو بناء نموذج أوردغاني في سوريا ، لأسباب عديدة تصب لصالح تركيا ، واستجابة لطموحها العثماني القديم ، في أضافة أرض جديدة لها ، وهو حلم قديم وخاصة بعض مناطق الشمال السوري ، مضاف له تحقيق منافع أقتصادية كبيرة ، فيمكن الأنتفاع من مصادر النفط السوري ، والأستثمار الصناعي فيها ، ففي سوريا تتوفر أيدي عاملة فنية رخيصة ، وتجعل من الصناعة السورية تابعة للسوق التركي ، وغير منافسه له ، لأن تركيا عانت كثيراً من المنافسه التجارية والصناعية السورية سابقاً ،وكان هذا العامل ، أحد مسببات الدفع للحرب الأهلية في السنوات السابقة ، ولأسباب أمنية ، تخص الأمن التركي ، وأتقاءاً لمخاطر المشروع الكردي ، المتطلع لأنشاء كيان كردي ، يتألف من أجزاء تقع في العراق وإيران وسوريا وتركيا ، ترى تركيا ضمان ولاء نظام حكم في دمشق لتركيا ، عامل أطمئنان لها ، وأحد أدواتها لمحاصرة المشروع الكردي ، المتطلع لبناء دولة كردية كبرى ، والتي تحاول تركيا على قَبره ، فيكون هذا المشروع محاصر شمالاً من تركيا وشرقاً من إيران وغرباً من سوريا ، ولم يكن له متنفس إلا من جهة بغداد ، لذلك أرى إن الأقليم في كردستان العراق سيأخذ مواقف أكثر ليونه ، وأكثر تقرب من بغداد ، وستكون لقياداته مواقف أقل حدة ، وبسقف مطالبي أقل ، حفاظاً على مكتسباتهم في العراق ، أملاً لتغيرات ومستجدات جديدة ، وأعتقد سيكون هناك صراع إسرائيلي تركي بسبب مشروع بناء الكيان الكردي المزمع إنشاءه ، وهذا سيخفف من كاهل صراع إيران مع إسرائيل من جهة ، ومن المعارضة الكردية في إيران من جهة أخرى ، وربما مايحصل يعطي لإيران قصد من الراحة في جر أنفاسها لتعزيز قوتها الداخلية ، وبناء قدراتها الدفاعية ، لأنها تنتظر جولات لها قادمة مع إسرائيل ، لكن قد تؤجل إسرائيل صراعها مع المشروع التركي الجديد ، إنهاءً لصراعها مع جبهة إيران وحلفاءها ، والذي لا يُعرف متى ينتهي ، ولصالح أي طرف ، لأن صراعها مع إيران هو صراع وجودي ،في حين المشروع الكردي هو مشروع أمتداد وتكامل ، ولاشك إن مشاريع الحفاظ على الوجود ،هو من له الأولوية في التفكير الأستراتيجي لقادة الدول .
أياد الزهيري