Loading

الأنا تعني الذات, ذلك الوجود الذي يمثل وجودك في هذا الكون. هذه الذات تمثل ماهيتك وكيانك في هذا العالم. المؤكد أنه من الصعب الأحاطه بالنفس البشريه والتي هي جزء من الذات مهما حاول الأنسان التعمق في كينونيتها حيث عبر عنها أحد الشعراء (أتحسب أنك جرم صغير وقد أنطوى فيك العالم الأكبر) وعبر عنه علميأ الطبيب الفرنسي الكسيس كارل في كتاب أسماه (الأنسان ذلك المجهول).

هذه الذات البشريه هي محور هذا الكون ونظرأ لأهميتها وخصوصيتها جعل الله الأنسان خليفته قي الأرض (أني جاعل في الأرض خليفه). أذن طبيعة النفس الأنسانيه ومحوريتها وتصنيفها الوجودي جعل منها عالمأ خاصأ , ولهذه الخصوصيه خصها الله سبحانه وتعالى بالمنزله والوظيفه والأهتمام فأرسل لها الرسل ونزل لها الكتب السماويه مخاطبا اياها , بل لعلمه بطبيعتها الخاصه والتي تتميز بقابلية السمو من المستوى الأدنى وهو عالم الحيوان حيث أن الأنسان مجموعه غرائز حيوانيه مع قابلية التفكير في مرحلته الأولى الى مستوى السمو النفسي والتي يكون فيه الأنسان في مصاف الملائكه بل اكثر من ذلك بحيث يكون للأنسان قابلية التشكل والصيروره مما يجعله يتدرج في سلم التكامل الى مستوى يعبر عنه في حديث قدسي (عبدي أطعني تكن للشئ كن فيكون) وهذه خاصيه لم يعطيها الله لكائن في الوجود الا الأنسان وهي خاصية (كن فيكون) فهذه خاصيه الهيه منح رخصتها للأنسان الذي له القدره على التحكم في نفسه بحيث يجعلها تترقى في سلم الكمال. لا نريد أن نخوض في اعماق النفس الأنسانيه لأنه عالم فسيح وشغل الفلاسفه وعلماء النفس بل وجعلهم في حيره من أمرهم بالرغم من الدراسات المعمقه فيه الآ أننا كما يقال (ما لا يدرك كله لا يترك كله). النفس هي الهدف الذي يقصده القران الكريم(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) ومقصد كل المصلحين في العالم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين لأن بأرتقاء النفس يرتقي الأنسان وبارتقاء النفوس ترتقي المجتمعات والعكس هو أنتكاس الأنسان الى ما هو أدنى من الحيوان بل بالأحرى أشرس من الحيوان وهذا ما نلمسه من أناس فتكوا بالأنسانيه وروعوها وأروها الجحيم وأن ما تلمسه البشريه من الحروب والبؤس والشقاء هو نتيجه طبيعيه لخراب النفوس وشذوذها (ظهر الفساد في البر والبحر بماكسبت أيدي الناس) لذلك فالأديان كانت ولا زالت مهمتها الاولى هو أصلاح النفوس وتقويمها لأنها محل الأبتلاء والأمتحان.

فأن أردت أن تبني مجتمعا متقدما يتمتع بالأمن والأمان فابني نفوسا طيبه سليمه خاليه من كل أعراض الأنحراف. فالأنسان باستطاعته أن يعيش حياة كريمه أو أن يعيش حياة الشقاء. هو بيده وهو من يقرر ذلك بنفسه. وهكذا بعث الله سبحانه وتعالى نبينا الكريم محمد (ص) رحمة للعالمين وطبيبا لنفوسهم فكانت مهمته الرئيسيه هي النفس الأنسانيه فكان بحق طبيب النفوس ,فكان الملهم لها حيث أنتشلها من براثن الجاهليه فصنع منها أمه شقت طريقها من بين الأمم بل من أرقاها منزله في عالم النسانيه(كنتم خير أمه اخرجت للناس …..) حتى أن قراءة السيره النبويه لنبينا الكريم(ص) لم يذكر أنه اهتم بالعمران في المدينه كما اهتم بالأنسان فلم يكتب عنه أنه بنى عماره أو شيد بنايه مع العلم أن هذا النوع من العمران كان متاحا فقصور كسرى وقيصر كانت موجوده والحضارات التي سبقت الأسلام لها من الآثار الكبيره والشاهده على هذا العمران ولكن النبي (ص) أهتم بالنفس الأنسانيه وركز عليها لأنها هي التي تبني الحضاره وهي التي تشيد البنيان وهي التي تصنع الدول فكان مركز اهتمامه هو تربية النفس فصنع أمه يباهي بها الأمم بعد ما كانت أمه ضعيفه متقاتله غارقه في الجاهليه , فكان الرسول مصنعأ لرجال أبطال ومدرسه تخرج منها أساطين العلم والمعرفه ولكن مع كل الجهود التي بذ لها الرسول (ص) وهي جهود أستثنائيه وعظيمه حيث شهد لها علماء غربيين مما جعلوا شخيته الشخصيه الأولى في التاريخ وهذا ما نشرته مجله تصدر في فرنسا يترأس تحريرها الكاتب اللبناني وليد أبو ظهر في سبعينات القرن الماضي حيث صنف عالم أمريكي ان محمد (ص) على رأس قائمة عظماء التاريخ ذاكرا السبب بانه الرجل الذي غير مجتمع باقصر وقت ممكن وهكذا تكون مهمة الدين الرئيسيه هو أصلاح النفوس وجعلها في سكة التكامل لتصنع منه انسانأ يفاخر الله به الملائكه, ولكن مع كل الجهود الجباره التي بذلها الرسول (ص) ظلت بعض النفوس عصيه على الأصلاح بل أصرت على الضلال حيث مارسة حاله نفاقيه مقيته فأظهرت الأسلام واخفت الكفر فكان على المستوى الفردي أبن أبي شلول وعلى المستوى العائلي عائلة بني أميه, ولكن مع الزمن ومع بروز واحتلال المنافقين أدوارا مهمه في المجتمع السلامي فاخذ المجتمع بالنكوص النفسي وكان الأستبداد أحد أبرز عوامل بروز الظاهره النفاقيه.

هذه الظاهره كان أحد أهم أسبابها هو حماية الذات من الخطر وبمساهمه من حب الذات (أنا) الشديد أخذت هذه الظاهره تنتعش وليومنا هذا مما أحدث فشلآ أجتماعيآ مريعآ. مجتمعآ لا يفكر الآ في الأنا ولا يسعى الا للأنا مما ضربت الذله عليه لمئات السنين وها نحن نعيش هذه الظاهره والتي أخذت تزداد يومآ بعد أخر مما افقد الثقه بين الناس وجعل الأمان بينهم مستحيلا وأن سئلت أحدآ قادم من العراق عن أحوال العراق لقال لك أن المال موجود وبكثره والبناء على قدم وساق ولكن الناس هم المتعبين وأن سألتهم بماذا متعبين لقالوا لا صدق ولاثقه ولا أمان. هكذا تكون البيئه الأجتماعيه عندما تكون موبؤه بمرض الأنا والتي من أبرز مصاديقها النفاق الأجتماعي, الذي بدأ ينخر في مجتمعنا نخرآ يكون فيه من المستحيل أصلاحه لأن اصلاحه عندما يستفحل فيه هذا المرض يتطلب جهود أنبياء ونحن نعيش ونعرف لانبي من بعد نبينا الكريم (ص) وما نمتلك ميراث أسلامي عظيم فيه الكثير مما يصلح هذه النفوس المتعبه ومنها شهر رمضان هذا الشهر العظيم الذي لو استغل بشكل صحيح لكان عياده كبيره يقدم من خلالها العلاج الناجع لنفوس تاهت في صحاري الضياع.

وأن ما نعانيه اليوم وما نشاهده من معاناة أجتماعيه مريعه يكون سببه ما يعانيه المجتمع من أنتكاسه شديده في الوضع النفسي كما نعيش عصر الأنحطاط النفسي حيث بقدر ما هبطت النفوس وكأن هناك علاقه عكسيه تحكم العلاقه بين الأثنين ولكن المعيار الحقيقي هو عندما تسال الأنسانيه هل هي في أحسن حالاتها لكان الجواب كلآ بل لقالوا أن العالم يعيش في أسوآ حالته الأنسانيه وما الحروب والدمار والأمراض النفسيه والعقليه لخير شاهد على ذلك, وأن السؤال المهم هنا هل المسلمون يستثمرون طاقات شهر رمضان الروحيه باصلاح ما أفسده الدهر من نفوسهم وجعله عيادتآ روحيه يطيبوا فيه نفوسهم المتعبه فيكون لهم خير معين على مصائب الدهر؟ الله اعلم.
أياد الزهيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *