Loading


الأبعاد الأجتماعيه في المسيره الربعينيه

 أنطلقت الجموع المليونيه من أقصى جنوب العراق صوب مدينة كربلاء المقدسه قاصده هذه الجموع بمارثون ملوني قبلة الأحرار أبا عبد الله الحسين (ع) . حقآ مسيره تستدعي أنتباه كل المراقبين لأنها مسيره متميزه بالمسافه المراد قطعها ومتميزه بتنوع المشاركين فيها حيث ترى المشاركون صغارآ وكبارآ, رجالآ ونساءآ, أصحاء ومرضى, فقراء وأغنياء.

مسيره يشترك فيها كل العناصر المجتمعيه. من هنا يكون من الضروري أن تكون هذه المسيره تثير أهتمام كل المختصين وخاصه علماء الأجتماع لدراسة هذه الظاهره الفريده من نوعها في تاريخ المجتمعات. من الملاحظ أن هذه الجموع المليونيه تشد الرحال نحو رمزآ عظيمآ للحريه والعداله والأصلاح وهذه مفردات يتغنى بها كل بني البشر وهدفآ يسعى له كل المناضلون في العالم وأغنيه تتغنى بها كل الشعوب المظلومه على وجه الأرض وكذلك هو مطلب حضاري يسعى اليه كل المصلحين في العالم وعبر التاريخ . أذن الحسين (ع) هنا هو رمزآ عالميآ دخل التاريخ من أوسع أبوابه وأصبح أنشودة كل المناضلين في العالم.

أن الشخصيه الرمز ظاهره أجتماعيه أيجابيه لما تختزنه من قوه أيحائيه تأثيريه على الفرد والمجتمع نحو الكمال و وهي حاله تبعث على الأنبهار لشخصية الرمز في روحية الفرد , تجعله يستنهض كل قواه الذاتيه للحاق بها أو محاولة التقرب منها وهي ظاهره ما تسمى بالقدوه وهو أسلوب من الأساليب التربويه الناجحه حتى أن القران الكريم يؤكد على ذلك بقوله تعالى (ولكم في رسول الله أسوه حسنه).

أن في الرمز مواصفات ومؤهلات ومن طبيعة هذه المواصفات تقدر القيمه التاريخيه والأجتماعيه لهذا الرمز, ومن أهم مواصفات هذا الرمز هو الواقعيه . وهنا أعني بالواقعيه هو الوجود الحي لهذا الرمز وأنه واقع أخذ حيزآ من الوجود المكاني والزماني مما يعطيه بعدى حسيآ حيآ يجعل عشاقه يترنمون فيه ويخلق فيهم روح الأمل والواقعيه في نفوسهم بانه واقع يمكن تحقيقه وهدف يمكن الوصول اليه فهو ليس بالحاله الطوباويه ولا بالمستحيله مما يخلق مجتمعآ متفائلا و مطمئنآ لتحقيق أهدافه.

ان اهمية الرمزفي الحركه الأجتماعيه بمكان جعلت الكثير من الشعوب مما لم يكن في رصيدها التاريخي نماذج حيه لعظماء كاالحسين (ع)تراهم يطلقون العنان للخيال في صناعة رمزآ من الخيال ليس له وجود الا في قصصهم الأسطوريه وحكاياتهم الخياليه ليشكلوا به رمزى يداعب خيال مجتمعاتهم أدراكآ لقوة الرمزيه واثرها في الحياة التربويه وكذلك النفسيه والتي هي مهمه في النشأه الأجتماعيه لما توحيه من الأعتزاز بالنفس .

وصناعة الثقه بالنفس عن طريق تاريخ ملئ بالرجال ذوات المواصفات الأسطوريه. نحن المسلمون لا نحتاج لأن نسلم أمرنا لعنان الخيال لأن لنا من الرصيد البطولي والرمزي ما تحسدنا عليه الدنيا ماضيآ وحاضرآ ومستقبلآ ومنهم وعلى رأسهم الحسين (ع). أن عظمة الرمز ليس كلام على الورق بل قيمته هو بمقدار ما يصنعه على الأرض من حركه أجتماعيه ذات صيروره تصاعديه ولها مصداق على الأرض , وأذا أردنا أن نأخذ بعدآ واحدآ لأثر هذا الرمز العظيم وهو البعد الأجتماعي والذي هو موضوع بحثنا هذا لرأيناه بعدآ يفيض بالثراء الأجتماعي ومن هذا الثراء هو بناء اللحمه الأجتماعيه الصلبه في بنيتها الأجتماعيه والثقافيه في علاقاتها الأنسانيه.

فلو نظرنا الى من ينطلق من أقصى الجنوب مارآ بمدن وقصبات وأرياف وصولآ الى الى كربلاء تراه ضيفآ عزيزآ على كل من يمر بهم راجين له الأستراحه عندهم متوسلين له بتناول ولو اليسير من طعامهم راجين له القبول بغسيل ثيابهم , متعلقين بهم بأخذ قصد من الراحه في مضائفهم الأكريمه داعين لهم من الله سلامة الوصول متلمسين منهم الدعاء عند قبر الحسين (ع) .

هذه الصوره التضامنيه التكافليه الأجتماعيه . صوره أجزم لا الأن ولا في مستقبل الأيام أن تحدث في مجتمع غير المجتمع العراقي لا أقولها تعصبآ ولكنها أرث يورث عبر وقت ليس بالقصير وأنما أصبح كاالملكه لا يختص به الا محبي الحسين (ع) . أذ العشق الحسيني وما يعكسه من ملكات على محبيه لا يمكن تلخيصه بسطور ولكن الذي يهمنا هنا البعد الأجتماعي للمسيره الأربعينيه. هذه المسيره التي رسخت مبدأ الزاد والملح بين العوائل العراقيه والتي جعلت منهم نسيجآ واحدآ وأذابة الكثير من الفوارق المحليه والأجتماعيه , فكان بحق مرجلآ كبيرآ أنصهر به الملايين من محبي أهل البيت (ع) في بوتقه أجتماعيه واحده , فتلاحظ أن المفردات العراقيه قد تداخلت مع بعضها وزيجات الزواج قد أخذت مدى واسع وأخذت العلاقات الأجتماعيه شكلآ أكثرتقاربآ حتى أصبح الجنوب والوسط وكأنه محافظه واحده ,وما محافظاتهم الا أحياء في مدينه واحده. هذه الظاهره بالحقيقه لم يكن في المناطق والأقاليم الأخرى من العراق.

فمثلآ أهل السليمانيه لا علاقه لهم بأهل دهوك ولا أهل دهوك لهم لهم علاقه بأهل الرمادي , لا لسبب الا لأنه ليس هناك من التواصل الأجتماعي الذي يكون سببآ في تواصلهم الأجتماعي , ولكن المسيره الأربعينيه أضافهة أسباب أخرى وعوامل أضافيه جعلت منهم نسيجآ أجتماعيآ واحدآ يشترك بالكثير من العادات والتقاليد والممارسات الدينيه والأجتماعيه و أنا لا أستبعد البعد التجاري الذي ينتج وبشكل عرضي من هذا التواصل الأجتماعي والذي ينتج منه حاله من التفاعل الأجتماعي الكبير يتولد منه أبعاد أجتماعيه أخرى منها المزاج الأجتماعي العام والذي ينزع مع الزمن نحو التماثل وهي حاله جدآ أيجابيه في الأستقرار الأجتماعي مستبعدآ الكثير من حالات التناقض الأجتماعي والتي تكون في كثير من الأحيان عقبه في طريق التقدم الأجتماعي في أي بلد من البلدان وهي حاله عانت منها الكثير من البلدان في العالم , في حين هناك الكثير من دول العالم تبذل الكثير من الموارد الماليه لصالح مشاريع يقصد منها الأنصهار المجتمعي والتي تسمى بمشاريع الأندماج في المجتمع لتخلق حاله مجتمعيه واحده وسليمه ولكنها باتت في كثير من الأحيان بالفشل والدليل هو ظهور الكثير من الحركات العنصريه في المجتمعات في العالم والتي قادت في الكثير منها الى حرب أهليه راح ضحيتها مئات الألاف من البشر ولكن الرمز الحسيني العظيم قاد مسيره أجتماعيه عظيمه أنصهرت فيها كل الفوارق الأجتماعيه وولدت بنيه أجتماعيه متينه ولها في مستقبل الأيام من الأيجابيات ما لا يمكن لي و لا لغيري من أحصائها أنشاء الله.فأن كانت مسيرة الملح التي قادها غاندي السبب في تحرير الهند من الأستعمار البريطاني فأن المسيره الأربعينيه نحو كربلاء سوف تحرر الكثير من صنمية الأنانيه والحزبيه والعشاريه والعرقيه وسوف تساهم في صناعة مجتمعآ متآخيآ منسجمآ مع نفسه وهذه من أهم مرتكزات البناء المجتمعي الناجح ولكن بشرط أن ننطلق بالمسيره الأربعينيه الى أفاق أوسع وميادين أرحب وبمبادرات أنضج كما في هذا العام (2012) حيث كانت أكثر تنظيمآ مما أنعكس على نفسية المشاركين فيها أيجابأ وكانت محل فخر وأعتزاز لهم عبر التاريخ عندما ساهموا في مشروع زراعة طريق الحسين (ع) .

أمنيتي أن لا تتوقف المسيره الأربعينيه عند كربلاء بل أملآ أن نسير بها الى ذواتنا لنكون ذواتآ حسينيه تكون أداتآ نظيفه لتحقيق الهدف الحسيني الا وهو الأصلاح , كما قال (ع) (أني لم أخرج أشرآ ولا بطرآ وأنما خرجت لأصلاح أمت جدي محمد). أياد الزهيري
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *