أبناء الأنتفاضه الشعبانيه بين دور مغيب وحق مضيع
حكمه قالها فيلسوف خبر الثورات وغاص في بحور الأنتفاضات فخرج برائعه تقول أن الثورات يخطط لها الحكماء وينفذها المغامرون ويستغلها الأنتهازيون.
حقآ أنها حكمة الحكم وأنها حقيقة الحقائق في الحياة الأجتماعيه ما بعد الثورات والأنتفاضات التي حدثت وتحدث في عالم اليوم . أنها حقيقه أجتماعيه تكاد تكون ثابته عبر التاريخ.
سؤال يطرح نفسه لماذا ظهور هذه الحقيقه المره في مسرح حياتنا وهي بحق غصه المناضلين عقب أنتصار ثورتهم على الظلم ومرارة الجمهور الذي أنتظر التغير . ورب سائل يسأل عن سر ذلك . الجواب يأتي على لسان أول رئيس للجمهوريه في جمهورية مصر العربيه السيد محمد نجيب , حيث قال (أن الذين قاموا بالثوره طحنتهم والذين نافقوهها رفعتهم) وأضف الى ذلك أن الثائرين على الظلم لم يتعودوا على الأنحناء أمام المناصب ولا الأستجداء على أبواب الحاكمين , أما المنافقون والمتزلفون فهم يجيدون الأنحناء أمام بريق المال والسلطه.
أن الذي يهمنا بالموضوع بعد هذه المقدمه هو أن أبناء الأنتفاضه الشعبانيه المباركه . هذه النتفاضه التي لها شرف أنطلاق الشراره الأولى ضد الدكتاتور وأن كان هناك من يؤرخ بشرف لثورات الربيع العربي فهي لها شرف أنطلاق الشراره الأولى في عالم الخنوع والقنوط والصمت العربي . أنها الصرخه الأولى التي كسرت حاجز الخوف في وسط شعبي غلب عليه الأستسلام وشارف أن يسلم أمره للقدر حتى ساد الأعتقاد بأن صدام وعائلته سوف تحكم الى الأبد بلا منازع ولكن الأنتفاضه الشعبانيه هي من أيقظت الشعب العراقي بأن هناك أمل بالتخلص من زمرة البعث الصدامي ولكن وللأسف لاقى مفجروا هذه الأنتفاضه الأعراض والصد والحرمان والتجاهل على الأقل من أخوان لهم في الجهاد حيث أداروا لهم ظهر المجن وتناسوا الأيام التي تقاسموها مع بعضهم عندما وضعوا أرواحهم على الأكف في مجابهة قيصر العصر وكسراه صدام حسين ولكن بعد أن أنقشعت الغمامه السوداء من سماء العراق وكاد المنتفضون الواحد بعد الأخر مستبشرين خيرآ بالعهد الجديد راسمين أحلامآ ورديه لحياة الغد تراهم يصطدمون بصخرة الحقيقه الكأداء التي أدمتهم وخيبت أمالهم حيث لم يجدوا من يحفظ لهم حقوقهم ولا يرى مرحبآ بقدومهم ولا أحد شاكرآ لجهودهم مما أصاب الكثير منهم بصدمه نفسيه والبعض أكل نفسه حسرات على عمر أفناه في غير محله ولكن كل هذه قد تزول وتنسى عندما ترى من كان بالأمس أبن النظام ومن المتزلفين اليه والأكلين من موائده تجد الكثيرين منهم يعتلون المناصب ويغترفون من خيرات النظام الجديد بل هم الأمرين والناهين والمعطين والمانعين . نازعين ثياب الرفاق الحزبين , لابسين ملابس المؤمنين الناسكين . هؤلاء يحتفظون بخزائن ملابس متعددة الألوان والأشكال تتناسب لكل زمان وكل نظام حتى أنهم سبقوا الحرباء في تلونها والأفاعي بنزع جلدها, فكانوا حقآ أبطالآ أن جاز التعبير في عملية التكيف والتأقلم والتي تتطلب رياضه نفسيه لا يجيدها الكثيرون الا الفئه الأنتهازيه اللاهثه وراء المال والجاه والسلطه ما أحوجنا لك اليوم يا أباذر الغفاري رضوان الله عليك أن تصرخ بأعلى صوتك وفي كل الطرقات بلا خوف ولا وجل وبلا مجامله لأحد كما فعلتها أيام عثمان عندما سولة له نفسه العمل بالمحسوبيه والمنسوبيه حين تقرب الى بني أميه ,فاتحآلهم بيت مال المسلمين ليغترفوا منه سحتآ. صرخات لا تخشى فيها لومة لائم , تقول فيها من أين لكم هذا .
أن من الخطوره بمكان هو تجاهل من أعطى كل شئ ولم يحصل على شئ وأنشغال من تسنموا المناصب وأجنوا المال أن يديروا ظهر المجن لرفاق الأمس وبالتالي سوف لا يغفر لهم الكثير وأن صبر البعض عليهم لكن النتيجه هو خسارتهم لقطاع واسع من أناس كانوا محسوبين لهم وقاعده شعبيه لا يستهان بها كان يمكن أن تكون سندآ لهم في المواقف الصعبه وما أكثرها في قادم الأيام وعونآ لهم لمن يريد بالعراق والنظام الجديد السوء وهم قد خبرتهم الأيام وصقلت معادنهم أيام الجهاد لأنهم هم وحدهم من كانوا المعين والمساند والمناصر للقضيه العراقيه ضد دكتاتور العصر صدام حسين , واما المتزلفون والمتسلقون والذين يتظاهرون اليوم بأنهم هم أصحاب القضيه وهم فرسان الساحه في زمن الأسترخاء , سوف يكونون أول المنهزمين عندما يتطلب الموقف وقفه الرجال الأبطال ولكن الزمن علمنا أن المنافقين والمتزلفين هم أول الراكعين عند أول هبوب للرياح العاصفه.
أن عدم أنصاف المظلومين الذين قدموا الغالي والنفيس في مواجهة النظام الصدامي سوف يكون له مردود لا تحمد عقباه في تصدع اللحمه الوطنيه وسوف تزلزل عند الكثير هذه الروح الوطنيه ولعل الكثير ممن أتعبته الأيام أن تهتز ثقته بالكثير من الثوابت التي دافع عنها طيلة حياته ومنها حب الوطن والأحزاب التي أنتمى أليها والشخصيات التي طالما ثق وتعلق بها . هذه نتيجه ليس بالغربيه حيث قال أحد القاده الأفارقه (أن الخبز قبل الشعار) وهذه حاله نحذر منها وهي حاله خطره في حياة جمهور متعب يعاني الكثير من المشاكل النفسيه والأجتماعيه والأقتصاديه والتي تقود الجمهور الى حاله من الياس والأحباط وعدم الثقه والتي تكون من أخطر مظاهرها هو الأنطواء على الذات وبروز الأنا وهي من بوادر تمزق الهويه العقديه والوطنيه والتي تكون بدايه لتفكك أجتماعي بغيض وحينها يكون الوطن على حافة الأنهيار والتي نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يتدارك المعنيون هذا الخطر بمبادره أخلاقيه وهو أحقاق الحق ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وعسى الله يصلح ما كان ويدفع ما سوف يكون.
أياد الزهيري