Loading


المفاهيم الدينيه عند العوام

قال الأمام علي (ع) (العلم نقطه كثرها الجاهلون). حقآ هذا ما ينطق به واقع الحال, والسبب كثرة التأويلات وفوضى فتاوي البعض وخاصه ممن لم يتقن صنعة الفتوى والذي هو أصلآ ليس من أهلها الحقيقيون. أضافه الى الممارسات ذات الطابع الشعبي والتي تكون تحت غطاء ديني والتي تصدر من أناس تدعي الولاء والحرص على الشعائر بدون الألتزام بأطار وضوابط الشارع المقدس, مما فتح الباب على مصراعيه بخلط الدين الحقيقي بالبدع والتحريفات, فلا يعد بأمكان الناس أن يميزوا بين الدين الحقيقي وبين الأضافات الباطله , وهذا مؤشر خطر على الدين نفسه ولنا شواهد كثيره من التاريخ في عمليات دس الكثير من الأسرائيليات والأحاديث الموضوعه .وفي أزمان متعدده, وهذا ما دعى بالأمام جعفر الصادق (ع) أن يقول (خصلتان مهلكتان: تفتي الناس برأيك, أو تقول بما لا تعلم).

أن ما نراه اليوم من ظهور فرق متطرفه , خارجه عن الوسطيه الأسلاميه وكذلك ممارسات غريبه, ناتج عن فهم سطحي للنصوص الدينيه, وعدم معرفه بتزاحم الأحكام الأوليه مع الأحكام الثانويه مما يتسبب في وقوع الضرر, كما هو الحال في صيام شهر رمضان, عندما يتعرض المكلف الى عارض صحي يمنعه من الصيام , فأنه لا يفطر,فيأخذ على عاتقه أستمرار الصيام لأعتقاده أن الأفطار غير جائز دون أن يلتفت الى أن حكمه الأضطراري هو الأفطار.

من هنا تاتي الحاجه الضروريه الى معرفة المعايير العلميه في تشخيص الأهم والمهم. هذه المعرفة هي ما تنهي الخلاف بين معتدل ومتطرف , منحرف ومفرط. من جانب أخر هناك الكثير من الناس يأخذون ما يرونه مناسبآ لهم أو ما يتفق مع مزاجهم حيث يترجح الميل النفسي على الجانب العقلي عند الكثير من عامة الناس, فهناك من ينبري بأستغلال الظروف الشاذه التي يمر بها مجتمع من المجتمعات فيحاولوا جلب الأنتباه لهم عن طريق أبتداع تصورات غريبه ذات أبعاد مليئه بالألغاز والغيبيات الغير مبرره,فيكثروا من الأدعاءات والتي جزء منها ما يدعي البعض من الأتصال بالأمام المهدي (عج) على سبيل المثال للفت أنظار العامه واستغلال الظروف الشاذه التي يعيشها الناس.

هذا بالأضافه الى أمور أخرى يفرضها السلطان او الحاكم الجائر على الناس ويلزمهم بها , ومن ثم تتحول مع الزمن الى سيره عند الناس دون أن يلتفتوا الى أصلها كما فعل معاويه في فرض سب الأمام علي (ع) مما تحولت الى سيره عند أهل الشام , وهذا من مبدأ ان الناس على دين ملوكهم.

هناك عوامل أخرى تساهم في تشويه المفاهيم الدينيه , ألا وهو العامل السياسي الذي يلعب دورآ كبيرآ في ضبابية هذه المفاهيم ولكن المحصله هو ما يكتسبه ذلك السياسي من حصاد الكثير من التأيد في توجهاته السياسيه , وهذا ما حدث تاريخيآ في ظهور مفاهيم الجبريه في زمن الخلافه الأمويه وكذلك مبدأ القدريه الذي أستخدم أبشع استغلال ومرر على العوام وأسئ فهمه بل وأساهم في استغلالهم وعلى سبيل المثال عندما حشد النظام الصدامي الناس في جبهات القتال مع الترويج ان الناس يموتون بأقدارهم , وهو ابشع أستغلال   وسيقه الكثير من الناس الى الجبهه والذين الكثير منهم ممن اصبحوا من ضحايا هذه الحروب العبثيه.

أن الكثير من المشاكل والمخاطر التي يتعرض لها الأنسان بدون أن يكون هناك معرفه حقيقيه بأسبابها والذي يقود في كثير من الأحيان الى أعتقادات لا تمت الى الحقيقه ولا الى الدين بصله , فيتعلل الكثير بمدأ الحسد والعين وما شابه ذلك من الأمور , حتى أصبح لها سوقآ رائجآ عند الكثيرين , فتراهم يهرولون وراء مدعي التنبوءات وقارئ الفنجان وكذلك ممن يدعون المعرفه بالمستقبل وقراءة الطالع عن طريق القران , وهم بالحقيقه والكثير منهم أناس أمييون والأعجب هو ما يتقاطر عليهم أناس ذو تعليم جامعي ينتظرون منهم تفسيرحاله يعانون منها أو تسبب لهم القلق.

أن أنحدار درجة الوعي عند الكثير من الناس يساهم بشكل أو بأخر الى عدم أستيعاب المفاهيم الدينيه كما يؤدي الى تؤويلها في رؤياهم لها وهناك من يساهم في ظهور رؤيا شعبيه للمفاهيم الدينيه وهذا ما يساهم ويساعد على بروز ظاهرة الدين الشعبي والذي أعني به الأعتقادات القائمه على الموروث الشعبي وعلى أساطير قيلت وادعاءات سوقت وصدق بها البعض وأصبحت عاده في أعتقادات العوام. هذه الممارسات غالبآ ما يكون لها مظهرآ احتفاليآ وجانبآ أستعراضيآ , وهي ممارسات تستهوي الكثير ممن يسعى للظهور على مسرح الحياة الأجتماعيه ليضفي على شخصيته شئ من المهابه الأجتماعيه والسمعه الحسنه , أضافه الى أعتقاده بأنها سوف تعوض الكثير ممن فاتتهم الواجبات العباديه لفتره طويله من الزمن , فيعتقد أن هذه الممارسات سوف توفر عليه الكثير من العناء ويختصر عليه الكثير من الألتزامات الدينيه لكي يكفر عن سيئات أقترفها بالماضي من حياته . من هذه الممرسات والتي هي غالبآ ما تتصف بالجانب الأحتفالي والحضور الجماهيري , فيظهر أمامهم وهو الراعي لها والمدافع عن شرعيتها ,فيكون وقد سلك في نظره أقصر المسافات الى رضى الله.

لاشك هناك أمور كثيره ساعدت على تعميق الثقافه الخرافيه في عصرنا الراهن ومنها على سبيل المثال لا الحصر , العديد من وسائل الأعلام الضاله والمروجه للفكر الخرافي , حيث تعرض من على شاشات التلفزه الكثير من برامج تفسير الأحلام , والطب الشعبي الممزوج بالشعوذه والترويج لشخصيات يطلق عليها زورآ وبهتانآ بالشخصيات الروحانيه والتي لها قدره سحريه على تطبيب الناس وشفائهم من العلل التي عجز عنها الطب.

طبعآ أن أنتشار هذا اللون من الرؤيا والثقافه الهزيله عند الكثير ساهم وبشكل كبير في وجود الخواء الروحي وغياب الاتزام الأخلاقي في الكثير من مظاهر مجتمعنا , حتى أصبحت الأزدواجيه داء يعاني منه الكثير أذا لم أقل الجميع , والتي من تداعياتها فقدان الشفافيه في كثير من معاملاتنا الأجتماعيه والرسميه , وهي السبب في كثير من متاعبنا في حياتنا اليوميه , وكذلك لا أدعي المبالغه اذا قلت أنها العقبه الكأداء في وجه تقدمنا.

لاشك أن هذه الرؤيا سوف لا تريق لدى الكثير ممن تعاطى مع هذا اللون من الممارسات لأنها هي القناة التي زوقته للجمهور وسلطة عليه الأضواء بعد أن كان نسيآ منسيآ .

لا أدعي الحل السحري للتصدي لهذا اللون من التصورات والممارسات التي تحاول أخراج الدين من محتواه الحقيقي ومحاولة أنحسار تأثيره الفعلي على العباد ولكن أقول حسبنا قول الرسول الكريم محمد (ص) ( أن دينكم هذا متين , فاوغلوا فيه برفق)

أياد الزهيري





اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *