Loading

العراق والعقد الثلاثه

كما هو معروف أن عراق ما قبل 2003 دوله شديدة المركزيه, يحكمها نظام يطغي عليه التفرد من قبل شخص واحد, وهو ما يطلق عليه بالقائد الضروره, أي بلد مختزل في شخصية صدام حسين, وهذا ما دعى البعض من يصفها بجمهورية الخوف.

في مثل هكذا أنظمه لا يمكن أن تطفح على سطح الأحداث مطالب الشعوب فيها, بل يسود فيها جو من الصمت والرهبه من النظام الحاكم, حيث مطالبها مضغوطه بالفعل البوليسي العنيف لقوات النظام, ولكن سرعان ما تطفو مطالب وتطلعات هذه الشعوب , عندما تخف قبضة هذه الأنظمه وخاصه عند أنهيارها, وهذا ما شاهدناه في أحداث سقوط  نظام القذافي في ليبيا , وما نشاهده اليوم في العراق لخير دليل على ذلك ,حيث تعالت الأصوات ومن كل فئات الشعب العراقي كل يطالب بحقوق سلبت وأستحقاقات أهملت طوال فترة حكم النظام لهذا البلد.

اليوم العراقيون أمام أستحقاق بناء دوله حديثه ,قائمه على أساس ترسيخ الحقوق لكل أبناءه , وهي الأساس في حفظ وحدة البلاد ودوام أستقراره.

ولكي يشرعوا في هذا البناء عليهم التوافق على حل ثلاث عقد جوهريه ,حتى أن مدى هذا التوافق على حلها هو من يقرر مصير العراق, حيث أن العراق اليوم يتأرجح بين تثبيت حدود خارطته الحاليه , وبين أحتمالات لخرائط مغايره , فالعراق أمام ثلاث أحتمالات, الأول هو أنفصال الكرد وتكوين دولتهم الحلم وأخرى عربيه من الطائفتين السنيه والشيعيه , أما الأحتمال الثالث وهو الأسوء والمرسوم له من الدوائر المعاديه للعراق القوي, حيث يتوزع العراق بين ثلاث دول (كرديه, سنيه, شيعيه) والأخيره هي من ستحتفظ بأسم دولة العراق لأسباب جغرافيه وتاريخيه وحضاريه.

أن من يتعاطى مع هذه العقد الثلاثه عليه أولآ تناول العقده الأصعب من بين هذه العقد الثلاثه, الا وهي عقدة الأنفصال عند المكون الكردي. هذه الأولويه في التناول لم يأتي من فراغ , بل هناك أسباب أيدلوجيه وتاريخيه وسياسيه, أنها عقده طالما تطفح على سطح الأحداث بين الفينه والأخرى وغالبآ ما أشغلت كل الحكومات التي حكمت العراق عبر تاريخه الحديث.

أن حل عقدة الأنفصال عند الكرد ليس بالأمر السهل بسبب النيه المسبقه للكرد بالأنفصال , وهي نيه مبيته عندهم , وهم أنفسهم لا ينكرونها , بل لا يتركوا فرصه الا وعبروا عنها , بل حولوها اليوم الى ثقافه شعبيه, وهم بتقديرهم أن مجريات الأحداث تجري لصالحهم, بل ساهموا وبشكل حثيث  , بل وبأستشاره أقليميه ودوليه بصناعة أحداث تصب في صالح أنفصالهم , وما صبهم الزيت على النار في الأحداث الأخيره الا خيردليل , حيث أنصبت أعمالهم في تشجيع شغب المظاهرات في الرمادي وأحتضان المحرضين عليها ,بالأضافه الى تضعيف المركز عن طريق منع اي محاوله لتسليح الجيش العراقي, وما الصفحه الأخيره والمتمثله بالتآمر مع داعش وحزب البعث في الهجوم على الموصل الا جزء من مسلسل  هدفه تنضيج كل الظروف التي تحقق الأنفصال عن بغداد , وما تصريحات البعض من سياسيهم بأنهم لا يريدون الأنفصال , الا من قبيل ذر الرماد في العيون , ولأسباب تكتيكيه خاصه بهم تاره وخاصه بدول الأقليم تارتآ أخرى.

أن عقدة الأنفصال عند الأكراد سوف لا تدع البلد يستقر يومآ, وتاريخ العراق الحديث ما يؤكد ذلك , بالأضافه الى ما أستجدت من عوامل , منها ما هو أقليمي لا نستثني منه أسرائيل, فهي من هندسة لأنفصال جوبا من الخرطوم في جنوب السودان, ولا شك هي سوف لا تبخل بتقديم خبرتها في تقسيم البلدان الى من يتآمر معهم من السياسين الكرد,وهذا ليس بالأتهام , بل ما تؤكده العلاقه التاريخيه  بين سياسيون كرد وأسرائيل, وما تصدير النفط الى أسرائيل الا مشهد من مشاهد التعاون بين الأثنين.

عقدة الأنفصال لا أرى لها حلآ بسبب بسيط الا وهو عزم الكرد على الأنفصال وهو بمثابة الحلم الوردي لهم , وهم من ثقفوا أبناء جلدتهم عليه, حتى أصبحت المطالبه بالأنفصال , هو سوق البورصه في الأنتخابات البرلمانيه في حدود الأقليم, وأن أشدهم مطالبه بالأنفصال هو من سيكون بطلهم القومي, لذا لا يمكن حل هذه العقده من طرف واحد , لذا على الطرف العربي الترحيب بقبول أنفصال الكرد لأسباب كثيره وبهذا سوف يحفظ العراق الكثير من ثروته البشريه والطبيعيه, بالأضافه الى ما هو متحقق من منجزات على جميع الأصعده.

أما بالنسبه للبعض ممن هو متشبث بعقدة التفوق , وهم طبقه لا يستهان بها من أبناء الطائفه السنيه, حيث يعتمدون على البعد التاريخي في أمساكهم للسلطه.

أن حلحلة هذه العقده مرهونه بمغادرة هذا الشعور التفقوقي على الآخر, وهو أن ما يمثل هذه الفئه أن يكون واقعي وموضوعي أذا كان حريص على وحدة العراق ومنعه من التقسيم ولا أرى أن ثمن هذا الموقف بالأمر الصعب أمام حفظ وحدة العراق والحفاظ عليه ككيان له من العمق الحضاري والتاريخي ما ليس لغيره.

اما بالنسبه للمكون الشيعي والذي عاني ويعاني من عقده تاريخيه سببه لهم تاريخ طويل من الأستبداد السياسي لحكام أشتهروا بالقسوه والعنف  والذي يمكن حصره مابين بداية تشكيل الدوله الأمويه الى نهاية حكم حزب البعث في عام 2003. هذا الشعور ليس من السهل قلعه من نفوسهم الا بأقامة دوله عادله ترجع لهم حقوقهم  المستلبه وأن تسنح لهم الفرصه في المشاركه في الحكم. أن رفع المظلوميه من هذا المكون ليس بالأمر العسير , حيث أن الأنظمه الديمقراطيه كفيله بحل هذا الأشكال عن طريق صندوق الأقتراع , وهو من يحسم هذا المطلب مع تقنين للقوانين التي تحفظ لهم حقوقهم كمواطنين من الدرجه الأولى.

يتبين لنا أن التصادم بين عقدة التفوق وعقدة الأضطهاد من الممكن تلاشيها ,عن طريق أعتراف طرف بحقوق الطرف الأخر وأرجاع المستحقات التي سلبت منه عبر حكم الدكتاتور, وبسط السلم الأهلي بينهما , وهذا يترجم عبر دستور عادل وقانون منصف للجميع , وهناك الكثير من العوامل التي تساهم في تحقيق ذلك ويجعل الأمر ممكننآ , وهو أنهم يشتركون بلغه واحده وهذا ما يفرقهم عن المكون الكردي والذي يملك لغه مغايره, بالأضافه الى تداخلهم الأجتماعي وانتسابهم المشترك عشائريآ. اما أصحاب عقدة الأنفصال من الأكراد فهم يعيشون حاله من الفوران القومي والتي لا تهدأ الا بالأنفصال وبناء دوله خاصه بهم والتي سوف يندمون عليها ولو بعد حين لأسباب عديده , وخاصه على ما يبدوا انهم لم يستوعبوا تجارب تاريخيه ودوليه , سواء كانت التجربه الألمانيه بقيادة هتلر او التجربه القوميه العربيه بتنظير ساطع الحصري ومن سار على خطه من القوميين العرب والتي لم تنتهي الا بمزيد من الحروب العربيه العربيه ومزيد من الخلافات والتقسيم  العربي.

من الواضح لا يجمع المكون العربي مع الكردي جامع الا الأسلام و والأسلام يجمعنا مع الكثير من الشعوب في العالم ولكن في الوقت نفسه تعيش هذه الشعوب في دول مختلفه ولنا معها علاقات جيده  ولكن يمكن ان نستثني مجموعه كبيره من الأخوه الكرد والذين اندمجوا مع المكون العربي ثقافيآ واجتماعيآ و واصبحت الثقافه الوطنيه العراقيه جزء من شخصيتهم الثقافيه , فهؤلاء يعتبرون جزء من الحاله العراقيه .

رؤيتي لقادم الأيام أن يكون للكرد دوله مجاوره أفضل بكثير من ان يكونوا جزء من دوله أسمها العراق وأنا شخصيآ سوف اصفق لهذا الأنفصال لأنه يؤكد حقيقه ويزل وهم وينهي شراكه قصريه كان من الممكن حلها منذ زمان ليس بالقصير . من هنا يمكننا القول بان مصير العراق تتحكم فيه هذه العقد الثلاثه, وان طريقة التعامل معها هي من يشكل الخارطه المستقبليه لهذا الكيان.

أياد الزهيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *