Loading

تتقدم شبكة الوحدة الاسلامية بخالص شكرها للاستاذ الفاضل الحاج اياد الزهيري لارساله هذه المقالة التي تنشر لاول مرة وحصرياً على شبكة الوحدة الاسلامية

عندما تغادر الوطنية الوطن

بقلم الأستاذ اياد الزهيري

من الامور التي يصعب تخيلها هو وجود وطن على ارض الواقع من دون وجود وطنية في حين أن الوطنية هي وعاء الوطن . اذن وفق هذه القاعدة يستحيل وجود وطن تكون فيه الوطنية في إجازة .

فالوطنية الحقة هي شعور سامي يعتلج النفس الإنسانيه ويتمكن من ان يأخذ بناصيتها لتكون معطاءه , حيث تسموا على كل الأنانيات التي تحبس الإنسان في حلقته الضيقة (الانا) والتي تجعله لا يرى ولا يسمع الا نداء مصلحته الذاتيه ولم يلبي نداء الا نداء مطامعه الشخصية ولم يصغي لأي طلب الا طلب جشعه الذي لا ينتهي عند حد. فالمشاعر الوطنية النظيفه اذن هي مقدمه ضروريه وتمثل حجر الزاوية في رسم الأهداف الكبيره في عقل ونفس الانسان الوطني الذي يسعى لبناء كيان عزيز اسمه الوطن .

الإنسان ككائن لا يمكن ان يستعد للعطاء والتضحيه من اجل غيره الا بعد ان تسمو هذه النفس المغرقه في انانيتها والتي بطبيعتها تكبل الإنسان الى مصالحه فقط وكأن لا صوت يعلو فوق الانا .

النفس الانسانية ان هذبت تجود بكل شئ حتى لتجدها تجود بالنفس التي بين جنبيها ( والجود بالنفس اقصى غاية الجود ) وتفيض بعطائاتها لتملئ الدنيا جوداً وكرماً وهذا ليس بالخيال بل هناك من الشواهد الكثيره ممن اعطوا لشعوبهم ولم ولن يتوقفوا حتى بالسخاء بارواحهم . ولكن بنفس الوقت هناك من يقف على النقيض حيث يرفع شعاراً مشؤما سئ الصيت يقول (انا ومن بعدي الطوفان )

وهذا ما يحدث اليوم على ارض الواقع في العراق فطاف البلد بطوفان الفساد الاداري والاخلاقي وغرق الناس ببحور الدماء البريئة على ايدي من باعوا  ضمائرهم لامراء الخيانه واستجابة لنزوة استبدت بهم وانانيه هيمنت عليهم فجعلتهم لا يسمعون الا ذلك النداء المشئوم الذي يصدر من نفس لئيمة لا تعرف للحب والانسانية معنى الا معنا واحداً هو مصلحتها .

وهذا هو الوجه البشع للانسان الاناني , وهو انسان لا يمكن الا ان أمثله بالدودة الشريطية التي تعيش في امعاء الانسان تتغذى على غذاءه وتمتص دمه لكي تعيش .

هؤلاء الانانيون مصاصي دماء البشرية الذين يخربون العالم لكي يعيشوا ويجوعون الفقراء لكي يشبعون ويفقرون الناس لكي يستغنوا  ويقتلون الناس لكي يحيوا . هؤلاء هم جرثومة الاوطان ومرضها القاتل والذي لاسبيل الى شفاءه الا بالقضاء على هذا المرض العضال والا سيبقى عليلاً ضعيفاً هزيلا ما دام الانانيون هم من لهم اليد الطولى في تقرير مصير هذا الوطن .

مما لاشك فيه ان الوطنية لا يمكن شرائها كباقي السلع ولكنها عملية تربوية تحتاج الكثير من الجهد والعمل التربوي ذات النفس الطويل طالما الموضوع يتعلق بنكران الذات وهي عملية مجاهدة للنفس ليست بالسهلة وكلنا يعلم ان رسول الله محمد (ص) يُسميها بالجهاد الاكبر .

نحن اذن بحاجة الى مدرسة تروض نفس صعبة المراس لها تاريخ مشاغب ومشاكس ليحولها الى نفس بناءه تنزع للخير والبناء والتقدم وهذا بلا شك لا يحصل بجرة قلم او بكلمة ترسل عبر الهواء ولكن آن الأوان لهذه المدرسة ان تفتح ابوابها اذا كان من يخطط لها حكماء الوطن وينفذها من له ارادة حديدية لا تعرف الكلل ولا الملل والاكبر من كل هذا هو الايمان بالروح العظيمة والكبيرة لهذا الشعب والذي بنى واحده من اروع الحضارات وله القدرة على البناء مرةً اخرى .

نحن باحوج ما نكون الى خبراء نفوس وبنائي حضارة ومكتشفي قدرات الشعوب ,هم وحدهم ممن يستطيعوا ان يفتحوا مغاليق ابواب الشعب العراقي وهم وحدهم ممن يستطيعوا استخراج جواهر قدراته الابداعية .

فاذن نحن بانتظار خبير النفوس القادر على استنهاضها من كبوتها وهي كبوة عادةً لاتاخذ وقتاً طويلاً عند الشعوب الاصيلة ولكن بمعونة فارس يحسن قيادتها وخبير في خصائصها وقدرتها الابداعية وانا لا استطيع ان اغفل قول برنادشو في رسول الله (ص) عندما قال ان محمداً سياتي يوماً يصلح هذا العالم ….

ولكن محمد (ص) ألان غير موجود بيننا ولكن مدرسة محمد (ص) موجوده ولكننا بانتظار خريج من هذه المدرسة بامتياز ليوقف عجلة التدهور الاخلاقي والحضاري الذي يعيشه الوطن اليوم وليستنهض قدرات شعب لا يُستهان به ان وجد من يسلط عليه الضوء .

الاخلاص والصراحة والتسامح والوطنية مبادئ قديمة ولكنها حقيقية وتمثل الروح في الجسد الشعبي وهي الحقيقة الصادقة , وما اليابان الا مصداق حقيقي لبلد شيد عبقرية صناعية على اعمدة الاخلاق والوطنية .

الوطنية ثمن المواطنة والتي بدونها لا يمكن بناء وطن تحلم به الاجيال . ومن الأمور التي تستدعي النظر ان حب الوطن من الإيمان .اي ان الوطنية وجه من الإيمان وعنصر مهم من شخصية الإنسان المؤمن .

وهذا يدعونا الى تكريس الظاهرة الايمانية لان من جوانبها المشرقة الوطنية , نستنتج  من هذه المعادلة عندما لا نرى وطنية علينا ان نعيد النظر في ايماننا . أي يعني ان هناك انتكاسة ايمانية او على الاقل خلل ايماني يسترعي انتباه الانسان المؤمن لكي يعيد النظر في نفسه وكذلك يسترعي اهتمام القائمين على المؤسسة الدينية عندما يستشعروا ان هناك خلل بالوطنية بين صفوف الناس وعليهم ان يعيدوا النظر بالخطاب الاسلامي والايماني عامة لانه مؤشر خطير على انحراف في التوجيه وخلل في التربية الدينية لان اللاوطنية تتعارض ومنطق الامام علي (ع ) عندما يقول ( حب الوطن من الإيمان) .

وانا قبل ان انهي مقالتي هذه أحب أن اذكر الكثير ممن ركبهم الفزع وانتابهم الخوف بسبب شحت مياه دجلة والفرات وهذا حق لا يختلف عليه اثنان ولكن ينسى الكثير اننا نعاني ولحد مخيف الا وهو شحة الوطنية في نفوس الكثير , فان كانت شحة الماء سبباً في تصحر الاراضي فان شحة الوطنية في نفوس الكثير احدث تصحراً اخلاقياً وجفافاً وجدانياً في نفوس وضمائر الكثيرين .

وهذه هي محنة العراق الاساسية اليوم وما نشاهده اليوم من سلبيات على ارض الواقع ما هو الا مظاهر عرضية للسبب الاول الا وهو ازمة الوطنية العراقية والتي هي اليوم في خطر .

One thought on “عندما تغادر الوطنية الوطن”
  1. تحيه طيبه….. مشكور اخي العزيز . لا يسعني القول اكثر من ان هذا هو المطلوب بالضبط من كل مواطن بغض النظر عن اي وطن نقصد ولاسيما العراق الجريح . واخير بالتوفيق

    اخى العزيز كل ما قلته لطيف وجميل ولكن كيف يمكن لاى انسان ان يبنى وطنيه مسحت من عقول ابناء الوطن الا قله تكاد لاتعرف وليس لها مكان فى وطن ملئه الذئاب .الوطنيه تزرع كالنبات اذا وجد الماء والارض الخصبه وهذا محال فى مثل هذه الاوضاع.نرجوا من المفكرين وذوى الشهامه ,وليس ممن يتفوهون بهاان يقفوا سويا لترميم الوطنيه اذا بقى فيها بصيص امل.

    السلام عليكم . الاخ العزيز ابا احمد المحترم لقد وضعت يدك على الجرح ومشكلة الانا اخ الانا لحد الان لم نتخلص منها كل واحد منا يدعي ابو زيد الهلالي وانا اولهم وكل واحد منا يدعي هو السخصية الفذة الذي يشار له بالبنان وهو امي وباقي الناس اقل منه درجة اذا تكرم علينا والا البعض يدعي انه اكثر بدرجات . هذه هي امراضنا . اما من الناحية السياسية فنحن اسود على ابناء جلدتنا نبحث عن التهم ونلسقها بهم ونشهر بهم بعضنا البعض . اما الذين يقتلون شبابنا ويفجرون اخواننا ويقتلون الشهيد علي اللامي – صمام امان العراق – ومجزرة التاجي نغض الطرف عنهم ولا نتحد ولا نتكاتف عليهم بل نمزق بعضنا البعض ونتطاول على مرجعيتنا الرشيدة ونملي عليها …. هنا اقول نحن اصغر من ان نقييم المرجعية فكيف التطاول . هل سمعت يوم ما احد من الطائفة الاخرى مس عدنان الدليمي اوحارث الضاري شيخا الارهاب او تطاول عليهم الجواب قطعا لا .اذا لماذا نحن … هذا هو التوفيق وحسن العاقبة . لذلك اني متفائل بعون الله ان يكون عراقنا بخير انشالله لان الخييرين من ابناء جلدتنا كثرواصحاب التفكير الضيق قليلون ويجب علاجهم من خلالهذه المقالات الرائعة والمفيدة .فمزيدا ابا احمدمن العقاقير القاتلة للسموم سموم التطاول والانا والعزة بالاثم . مع فائق شكري وتقديري لك عزيزي . اخوكم متابع عن كثب .

    بوركتم اخي ابو أحمد على جميل ماطرحتم العلاج يحتاج وقت طويل لان المرض مستشري في كل مفاصل الدولة نحتاج لمعجزة كي نتغير

    المشكله المطروحه هي المشكله الاكبر والاساس لكل الصعوبات والمعوقات الموجوده في المجتمع العراقي. لكن مايزيد الامر خطوره هو ان هذا المرض تجاوز حدود العراق الجغرافيه وتعداه الى الدول الاخرى وقد وصل الامر بالبعض من الذين باعوا الوطنيه او تجاهلوها الى انهم بداو بالتاثير على الجيل الموجود في بلدان المهجر مثل السويد, الصوره الجديده وللاسف صوره مشوهه عن الانسان العراقي تخريب في الداخل وعكس لصوره غير لائقه بالعراق في الخارج, اتمنى من الجيل الذي تعلم النظام وحب الوطن الالتزام والحرص على كل صغيره وكبيره من ممتلكات الوطن ان ينقل هذه الصوره في زيارته الى البلد الام .كلمتكم هذه والمشاركات ايضا هي خطوه في طريق الاصلاح لان الدعاء لايكفي وانتظار الفرج واجب ولكن يجب علينا ايضا التمهيد.لو كان هناك جزء يسير من الوطنيه لشاهدنا على الاقل محافظه المثنى وهي احدى محافظات العراق التي تنعم بالامان منذ السقوط في احسن حالاتها ولكن الاناء ينضح بما فيه ,ولكن العجيب هو اقتناع الناس بمبررات المسوولين اواصابه الناس بنفس المرض.

    الى صاحب التعليق مرض يسبب الالم لصاحبه وللاخرين .اولا كفانا الله شر الامراض وشر كل من في قلبه درن على اخوته بالعراق او خارج العراق .ان الخراب الموجود في العراق تعرف من صنعه . صنعه ايتام صدام النذل وانصار علاوي العار والدليمي النجس والضاري العفن وخونة ابناء جلدتناهولاء الذين اوصلوا العراق لهذا الحال ان كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *