مسؤولية المثقف
في السنوات الأخيره تصاعدة أصوات تحذر من أحتمال أنهيار سد الموصل والتي تكون من تداعياتها تعرض مدينة الموصل الى كارثة فيضان تدمر المدينه وما يحيط بها. طيب سؤالنا ماذا لو أنهار السد الأخلاقي والقيمي للمجتمع العراقي , عندها سوف يفيض المجتمع بموجه من الفوضى العارمه وشتان بين الخسارتين.
لا شك ما لتغير الظروف الأقتصاديه والسياسيه وما يتعرض له البلد من حروب وصراعات داخليه من أثر واضح على بنيته الأجتماعيه وقيمه الأخلاقيه وهذه نتيجه لما لهذه العوامل من أثر بالغ في صدمات مفاجئه في الأنفتاح على العالم بعد أن كان يضرب على البلد من ستار حديدي أقطعه عن العالم الخارجي وكذلك مما يمارس عليه من تعتيم أعلامي رهيب . كل هذا ترك أثرآ واضحآ وساهم بشكل كبير في أحداث تحول أجتماعي سريع وعنيف نتيجه لما يضاف اليها تاثير عوامل خارجيه لا تضمر الخير للشعب العراقي وما يعرض له من غزو أعلامي غير مسبوق مع سيل لا ينقطع من دخول وسائل تكنلوجيه حديثه لها الكثير من التداعيات على البنيه الأجتماعيه وأفرز لنا أنماط أجتماعيه غير رشيده وصراعات طبقيه غير مألوفه وحركه أجتماعيه غير منظبطه تفتقد في الكثير منها للتوازن وتتقاطع في الكثير من أتجاهاتها مما ينذر بصدمات أجتماعيه مصدعه للكيان الأجتماعي محدثآ شرخآ كبيرآ في بنيانه الأجتماعي والأخلاقي والقيمي تكون نتيجته الحتميه أنهيار مجتمعي مخيف تكون نهايته الذوبان في الأخر القوي وفقدان الهويه والتقسيم والتشظي الأجتماعي , ومن أعراضه الأنهيار الأسري ومن مظاهره الأنفصام المجتمعي والأنكفاء على الذات وفقدان الأحساس بالروح الوطنيه.
كل ما تقدم نذير شؤوم أن ترك الحبل على الغارب , ولكن الأمم الحيه لا تخلو من أبناء تتحسس الامها وتختزن فيهم قوه حضارتها وهؤلاء هم طبقه المثقفين الذين يتمتعون بأحساس المسؤوليه العالي . هذا المثقف الذي يعمل كمنبه ومنذر للأخطار المحدقه بشعبه والذي يكون بدوره المنقذ له أن نجح بأرجاع الوعي الحضاري له عبر أعطاءه جرعه من الوعي الثقافي الذي يعيد له وعيه بذاته ويسترجع له أصالته المفقوده.
من هنا تقع على المثقف مسؤوليه تاريخيه في عملية البناء الذهني للأنسان وهو من يصرخ بنداء الوعي في أذان الجماهير وهو من يحرك مياه الضمائر في مجتمعه الراكد.
أن المثقف الحقيقي والموضوعي هو من يشخص المشكل الأجتماعي ويضع الحلول على أساس الأمكانيات المتاحه منطلقآ من الأحتياجات الحقيقيه لهم لا أن يداعب مخيلاتهم بافكار سحريه لا واقع حقيقي لها وبالتالي يسقطا في وحل المثاليه التي لا يجني الناس منها الا السراب .
أن المثقف المسؤول هو ذلك الشخص الذي ينقل الأحساس بالمسؤوليه من فئة المثقفين المحدوده العدد الى السواد العظم من المجتمع لكي يثور فيهم روح الحركه والبناء.
كذلك أن من أولى أولويات المثقف المسؤول هو أن يبحث في أسباب الأنحطاط الأجتماعي في مجتمعه باحثآ بالأسباب الحقيقيه ومكتشفآ السبب في مأساته وواصفآ البيئه التي أدت به الى ذلك الأنحطاط ثم يعمل على تنبيه مجتمعه الى السبب الحقيقي الذي أدى الى مصيره المشؤوم مقدمآ لهم الحل والهدف الكفيل بأنتشالهم من واقهم المزري والمريض. أن من مسؤوليات المثقف اليوم هو التأكيد على الأصاله منطلقآ منها بروؤى جديده تخلق حركه وطاقه جديده في أعماق وجدان مجتمعاتهم. روحآ تجتث من نفوسهم جذورآ وتغرس اخرى تمتد الى أصالة حضارتهم تحوله من مجتمع ساكن وسلبي الى مجتمع متحرك وأيجابي .
نحن ليس بحاجه الى الأن كما عند الكثيرين ممن يدعون الثقافه ممن يروجوا لأأنماط الحياة الغربيه بما فيها من أنماط أستهلاكيه شكلآ ولونآ . فهؤلاء ليس برجال ثقافه بل أناس متشبهون بالثقافه , لا يتمتعون بأي فكر خلاق يستمد أبداعه من أصالته بل يمارس عملآ ببغاويآ لا يفقه نتائجه على حياة جمهوره وما أكثر هؤلاء.
أن المثقف الحقيقي ليس هو ذلك القارءى للجرائد والمجلات والقابع في مكتبه أو في أحدى المقاهي , فهؤلاء ليس أكثر من مدخلي للبيانات والمعلومات في كومبيوتر مؤشرآ عليها للحفظ فقط أما المثقف المسؤول هو من يكون له دور وصانع لحركه أجتماعيه تنتج صيروره ذات نسغ صاعد.
أن المثقف الحقيقي هو من يرفع الجمهور الى مستوى أرقى وليس العكس وهو نزوله الى قناعات الجمهور البسيطه ومن هنا تبدأ عملية النكوص الثقافي للمجتمع.
أن مهمة المهمات للمثقف وخاصه المثقف الأسلامي عمله على أشاعة حب العمل العام بدل التمحور حول الذات وهو من له القابليه على ملامسة شغاف قلوب المستمعين ويسترق أذانهم . أنها ميزته التي لا ينافسه عليه أحد لأنه يوظف أدوات لها صله بالدين ويعمل بروحية لها أمتداد في روحيتهم ويمتلك هدف لا ينفصل عن هدفهم وهو من يمتلك مهارة الكلمه والقدره على التواصل مع الجمهور ويلامس احساسهم مما يعطيه مهمه أستثنائيه في ذلك.
أن المثقف اليوم هو مهندس أجتماعي بكل ما تعني الكلمه من معنى فهو من يشخص الخلل الأجتماعي وهو من يضع الحلول وهو من يحدد المسار نحو الأمام.
أن مسؤوليات المثقف كثيره وعديده ولا يمكن أختصارها في مقال كهذا ولكن في مجملها هي رساله يرصد من خلالها كل ظواهر التناقض في الحياة الأجتماعيه ويحولها من وجودها الواقعي الى وجودها الذهني لكي يتشكل في ذهنية الجمهور الوعي بهذا التناقض ويتحسسه ويأخذ موقفآ منه وهنا لا يتوقف المثقف على التشخيص بل يتعهداه الى الموقف الشجاع الذي يمنحه القدره على التأثير , وبهذا تتحقق رسالة المثقف.
أياد الزهيري