Loading

السياسه بين المهنيه والأمتهان

من البديهي في عالم اليوم لايمكن لشخص أن يشغل وظيفه ما بدون أن يحمل شهاده تدل على كفاءته او تأهله لهذا الموقع الوظيفي , وهذا المعيار يعمل به في كل الدول ,سواء كانت متقدمه ام ناميه, فالمعلم لا يمكن أن يشغل وظيفه في التعليم بدون شهاده وكذلك المهندس والطبيب وهكذا كل المواقع الوظيفيه ,ولتأكيد هذا المعيار وما تتطلبه المهن الأخرى من شهاده تؤهله للعمل , بات اليوم وخاصه في الدول الغربيه حتى الصباغ وعامل النظافه لايمكنه العمل بدون شهاده تدل على مؤهله في هذا المجال , ولكن الغريب والعجيب بالموضوع أن السياسه ورغم  أهميتها في المجتمعات وعظيم تأثيرها  في حياة الشعوب ,فترى أن هؤلاء السياسيون لايملكون شهاده تدل على مؤهلهم السياسي , وهذا ما أغرى الكثيرين للأنخراط في هذا المجال وأصبح  مطيه سهله لمن هب ودب, حتى أن هناك من  أستهوته السياسه  للعمل في ساحاتها وخاصه في العراق, لأن الكثير من الناس ممن يعتقد بأن العمل السياسي لا يشترط المهنيه القائمه على الكفاءه في ممارستها , وليس هناك مانع من التجوال في أروقتها وأنما هي مهنه يسهل أمتطائها , حتى يمكن القول أنها مهنة من لامهنة له. ومن الغريب والعجيب والذي أغرى الكثير فيها , هو أن العاملين في السياسه لا يقعون تحت طائلة القانون ولا يسائلون على أخطائهم وما أقترفت أيديهم . طبعآ هذا في عالمنا العربي فقط لأن الأخرين شرقآ وغربآ قد حسموا الأمر ورفعوا شعار فقفوهم أنهم مسؤولون.

أن هذا الفضاء الفوضوي أغرى الكثير ممن تستهويهم المغامره في هذه المهنه , وأكيد هذا النوع هم من فاقدي المؤهلات المهنيه والأخلاقيه وممن يعاني منهم الكثير من العوق الفكري والنفسي , وهذا هو ما طبع السياسه في بلداننا بالطابع العنيف , وما أكسبه من حاله فوضويه لا تعبر الا عن نفوس قلقه ومعتله ,فيترشح منها كل ما هو غريب, حتى كاد مفهوم السياسه في بلداننا مرادف كلمة (عبث) لأن فيها الكثير من اللامعقول , حتى أن كثرة السيئين وتكالب المعتوهين في المجال السياسي جعل من كلمة السياسه كلمه لا يطاق سمعها في كثير من المجتمعات, بل أن سمعها يثير الكثير من الأشمئزاز في نفوس مستمعيها, مما جعل الكثير من الناس في العالم الغربي لا يستسيغون النقاش السياسي , بل ويتجنبونه , والأدهى من ذلك أنهم لا يثقون بالسياسي ويعتبرونه صنونآ للشيطان بل هم شياطين الأنس .

أن السياسي أصبح اليوم بالعرف الأجتماعي صوره كاملة الأوصاف للأنتهازي, والأنتهازيه ثوب يرتديه أصحاب الضمائر الميته.ومن المعروف أن الأنتهازيه لا صلة قرابه لها بالوطنيه.والواقع مع الأسف هو من يكرس هذا المفهوم ,لأن السياسه في هذه الأيام أرتبطت بكثيرين ممن لهم أرتباط وثيق بالرداءه, وينهلون من المفاسد أكثر مما ينهلون من مكارم الأخلاق. في وقت ينبغي للسياسي أن يكون ذو موهبه عاليه وأخلاق ملائكيه لأنه مؤتمن على حياة الناس وبيده ثروتهم القوميه. طبعآ هناك الكثير ممن تأثر بالفكر المكيافيلي وتطبع على سيرة السياسين المخاتلين من لايتفق مع هذا الرأي , في وقت أثبتت التجارب أن الأخلاق والمهنيه هي جواز الدخول الى هذه المهنه , لأنك كيف تظمئن أن تسلم مقدرات الأمه ومن يقرر مستقبلها بيد أناس لا ذمه ولا ضمير لهم . أذن العامل الأخلاقي يجب أن يدخل وبقوه في العمل السياسي ,لأن ما جنيناه من مآسي وهدر للكرامه وسرقات لقوة الشعب هو نتيجه لتولي أناس مسلوبي الضمير والأخلاق.

أن السياسه موضوعها التعاطي مع الشأن المجتمعي العام , عن طريق أدارة ورعاية شؤونهم ورسم مستقبل أيامهم , وهذا العمل يتطلب الأيثار وحب الناس والأيمان بهم, ومن يؤثر المصلحه العامه على المصلحه الخاصه و هكذا الأمر بالشأن الديني حيث أن من يقدم نفسه على أنه واعظ وعالم دين يبتغي التقرب الى الله عن طريق هداية الناس , لا يفكر بالدنيا ومباهجها . ولكن مع الأسف نرى في هذين المجالين من يسئ لهم ويقلب الأهداف الساميه لهما الى منافع شخصيه وينقلب الأدعاء بالمصلحه العامه الى أهتمام موغل بالشخصنه, وهذا هو النفاق والدجل بعينه , حتى أن الكثير منهم تحولوا الى طفيلين على هذين المجالين

أن السياسه في أساسها من أنشطة الخدمه العامه وليس دكانآ للبيع والشراء وأن ينبري لها أناس غايه في العفه والأباء لأن للكرسي غروره وللمال أغراءاته ولا يناى بنفسه من هذه وتلك الا أصحاب النفوس العاليه والقابليات العظيمه وهؤلاء مع الأسف لا يجود الزمان بهم كثيرآ , وهذا هو سبب المأساة التي تعيشها الأنسانيه اليوم . واليوم الشعوب تركض وراء سراب الأمل بالعيش الرغيد بسبب من أمتهن السياسه وجعلها مطيه لمصالحه , والذي يطيل معاناتنا هو غياب المهنيه السياسيه وتكريس أمتهانها.

أياد الزهيري.






0
0


0





اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *