Loading

الأحزاب بين الوسائل والغايات

في عصرنا هذا أضطربت المقايس وتأرجحت المعايير حتى نكاد نقول أنه عصر فوضى القيم , وهذا ما يضع الأمم والشعوب على مفترق طريق , أما الأرتقاء نحو الأفضل والأرقى وأما الفوضى التي تسحق كل القيم النبيله فتحوله الى مجتمع غاب والذي نحن على عتبة بابه .أن من علامات سوء الطالع لهذه الزمن السئ هو ما تناولته يد الفوضى من أنقلاب لمعاني ومفاهيم  على سبيل المثال , ان تتحول الغايه الى وسيله والوسيله الى غايه كما أعترى غيرها من مفاهيم الحق والخير والشر والصدق والفضيله من تشويه و أنقلاب في المعنى والتصور.

أن ما يعنينا من الأمر هو حالة الأحلال والأستبدال لهذه المفاهيم والتي يحلوا للبعض ان يوسمها بالنسبيه وكغيرها من شؤون الحياة القابله للتغير والتطور متناسيآ الفارق بين ماهو مادي وما هو أنساني , وهذه القضيه عليها خلاف بين المفكرين ولكن في نظري ان ما يحسم المسأله هو الواقع ودرجة تداعياته وما يؤول له من خراب اجتماعي يدفع ثمنه الأنسان معبرعنها حاليآ بمظاهر الفوضى في العالم اجمع وما يعيشه الأنسان من أقسى أزمه نفسيه عبرتاريخه الأنساني والتي من أبرز مظاهرها هو حالة الغربه التي يعيشها الأنسان وما يقاسيه من مشاعر العدميه وعدم الأنتماء وما يعانيه من أمراض نفسيه أفسدت عليه الكثير من مظاهر التقدم العلمي والترفيهي .انها أعراض لا يمكن تجاهلها ولا التقليل من شأنها وانما هو واقع مر يسعى الأنسان جاهدآ لتخلص منه ولكن بدون جدوى , بل لم يزداد الأمر الا سوءآ , وهذا واقع لايمكن نكرانه والا سوف نكون كالنعامه التي تدس رأسها في كوم القش عندما يداهمها الخطر.

أن ما يعانيه الناس من سيادة القيم الماديه وبروز حالة الشكوى عند الكثير ولسان حالهم يقول ان الماده اصبحت كل شئ ولا وجود لمفهوم الرحمه عند الناس بعد الأن , فالفرد استبدل مفهوم المال من مفهوم الوسيله التي تسد أحتياجاته الضروريه الى غاية الجمع فقط , ولا شك عندما يستبد هذا المفهوم عند الأنسان فسوف يتصرف على مبدأ كل شئ يباع ويشترى في روما, وما مظاهر الفساد المالي في مجتمعنا الا مصداق لهذا المبدأ, وهذا ما ينجر الى حالة الأحزاب والدوله. فمثلآ أن الدوله أسست على أساس الغايه الأنسانيه لتنهض بأعباء تسهيل حياة الفرد والمجتمع وتقديم كل الخدمات الأجتماعيه له على أساس عقد أجتماعي يتفقوا عليه وينال رضاهم , ولكن الواقع ليس كذلك حيث أصبح الحزب والدوله التي يقودها هذا الحزب الى أداة يستخدُمها الطغاة والمستبدون من الحكام الى غايه أكثر دنائه الا وهو الأستغلال المفرط لثروات البلد وأرضاء لنرجسية الحاكم المتسلط على رقاب البشر , ونحن العراقيون لا يحسدنا أحد على ما رأيناه من أنماط حكام وأحزاب مارست أقسى أنواع القسوه والأذلال والأبتزار على الشعب العراقي .

أن الأهم في موضوعنا والمقصود منه هو الأحزاب السياسيه وما آلت اليه من تحول خطير في مساراتها وأهدافها وغاياتها , بعد أن أسست هذه الأحزاب لتحقيق غايات أنسانيه ووطنيه, تحولت هذه الى غايه في ذاتها , وأصبح السهر على الحزب والدفاع عنه ورعايته هو الغايه القصوى ومن بعده الطوفان ولنا في تاريخ سيرة حزب البعث الكثير من الشواهد على أختصار الدوله والشعب في حزب أختزل هو نفسه الى شخص القائد الضروه كما يعبر عن رأس الهرم فيه وهو صدام حسين و,وهذا ما ينطبق على الكثير من الأحزاب التي تشكلت في منطقتنا العربيه ومنها العراق . حتى أن هؤلاء الحزبيون يمسون ويصبحون ولاهم لهم الا الحزب , حتى لتراهم يسترخصون كل الأمكانيات الماديه والفكريه لخدمة معبودهم , الا وهو الحزب , وهذا ما يتنافى والمبادئ التي اسست على أساسها الأحزاب والحركات , وهذا هو المعمول  به في دول العالم المتقدم.

أن الشعب او الأمه التي تصاب بداء الأحزاب العربيه عامه والعراقيه خاصه لتعني بداية النهايه لها ومؤشر خطير على تداعيات مستقبليه لا عهد لنا بها ومستقبل يختزن الكثير من المفاجأة الغير ساره لشعوب هذه المنطقه.أن الأحزاب التي تهجر المبادئ النبيله التي تأسست عليها وشعب أخذ موقف المتفرج والغير مبالي منها لسوف نكون كمن يركض برجليه الى مثواه الأخير , وهذه أمنيه عزيزه على أعدائنا.

أن ما أود أن أقوله لهذه الأحزاب أن تلقي ولو نظره خاطفه الى أحزاب العالم المتقدم  وما تتسابق به مع نظراءها من الأحزاب لكي تقدم لشعوبها الأفضل والأحسن والأجمل , ألم نشاهد بأم أعيننا ونسمع بأذاننا , فلماذا نصر على همجيه حزبيه وصنميه فئويه.

أألم يكن الوطن غالي والشعب عزيز والدين مقدس والله هو المحاسب يوم المعاد على ما نقدمه من أعمال وما نعبد من أصنام!!! ولسان حال الشاعر يقول :

وتفرقوا شيعآ فكل قبيلة         فيها أمير المؤمنين ومنبر

أياد الزهيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *