في عهد أمير المؤمنين عليه السلام
في عهد أمير المؤمنين عليه السلام
الشيخ محمد جواد الدمستاني
الأصل في الحياة الاجتماعية بين البشر هو حالة الصلح و السلام، و الحروب والقتال استثناء، و لكن هذا الاستثناء ليس عزيزا فكثيرا ما يقع بتخطيط مسبق أو بغير تخطيط، فالخلافات و الحروب و المعارك و القتال تنشب بين الفرقاء، و بين الجهات و القبائل و الدول المختلفة، و لأنّ الحروب استثناء و ليست الحالة الاجتماعية الطبيعية فلابد للوضع أن يرجع إلى حالته الطبيعية وهو حالة السلام، و لابد للحرب أن تتوقف و تنتهي و لأنّ الحرب وسيلة وليست هدفا.
انتهاء الحرب يكون بصلح أو سلام، أو هدنة أو وفاق أو غيره ممن يتم الاتفاق إليه و يصطلح على تسميته.
و الإسلام يدعو إلى السلم و السلام قال الله تعالى في كتابه الكريم : « وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»[1]، و « أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ »[2]. « وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ»[3].
و أبرز ما ذُكر في الدفع إلى السلام ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، حيث كتب الإمام عليه السلام كتابا إلى مالك بن الأشتر النخعي لما ولاه على مصر و أعمالها، و المعروف بعهد مالك الأشتر، وهو عهد عظيم و مهمّ للسياسيين و الاداريين في الدولة يرشد إلى تأسيس نظام إداري وحقوقي و قسم منه يتعلق بالصلح و السلام مع العدو.
قال عليه السلام: « وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ، … ». وقد رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة في باب الكتب و الوصايا تحت الكتاب رقم 53.
و من المناسب الابتداء بالعناوين ثم بيانها مختصرا ، أما العناوين فهي:
الشرط الساسي للصلح وهو رضا الله ، قال عليه السلام: « وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا»[4].
و فوائد الصلح : قال عليه السلام: «فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ ، وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ ، وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ»[5].
و التحذير من خداع العدو بعد الصلح ، قال عليه السلام: « وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ»[6].
و الوفاء بالصلح و العهد الذي عاهدته، قال عليه السلام: « فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ … فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ»[7].
و إحكام بنود العهد أو الاتفاق أو بنود الصلح، قال عليه السلام: «وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ»[8].
عدم الاعتماد على نصوص بها تورية او مفاهيم مختلفة الفهم، قال عليه السلام: « وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ»[9].
و عدم إبطال الاتفاق بغير حق، قال عليه السلام: « وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ»[10].
و بيان ذلك مع تفصيل ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام :
قال عليه السلام: « وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا »، أي الدعوة إلى عدم رفض الصلح أو قبول الصلح بشرط أن يكون في رضا الله، فالشرط الأساسي في الصلح هو رضا الله، وليس لرضا آخرين من اشخاص أو فئات، و ليس على حساب العقيدة والمبادئ و القيّم، ولا يكون الصلح محرما من جهة من الجهات، و لا يحل حراما أو يحرّم حلالا، و لا يكون في مصلحة شخصية، أو فئوية، أو لعائلة، و ليس على حساب الضعفاء والفقراء، وليس على حساب الشعوب الآمنة و استلاب راحتها وزعزعة كيانها ، بل الصلح ينبغي أن يكون فيه رضا الله، و بالتالي فيه خير للناس و صلاحهم، و ضمان أمنهم و حريتهم، وصيانة حقوقهم.
و المفهوم أنّه إذا لم يكن فيه رضا الله فلا تقبلوه و ادفعوه، و الآية «فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ»[11].
و لا يكون مثل ما كان يعمل الاحتلال من صلح مع الحكومات و انسحاب ظاهري من الأرض، و إنهاء الاحتلال الظاهري و لكن في الحقيقة بقاء الاحتلال بشكل آخر و مخفي ببقاء حكومات عميلة للاحتلال تضمن مصالح المحتل، واقتصاد موجّه لمصلحته، وجهاز إداري وعسكري تابع لإرادته، فتصب خيرات البلد لصالح المحتل وهو من يتحكم في سياسته و سوقه، فلا يكون في هذا الصلح رضا الله و لا رضا الناس، كما هو حال كثير من دول المنطقة الواقعة تحت الهيمنة الكاملة للمحتل السابق و المتغطرس اللاحق.
و عليه فلابد من تشخيص حالة الصلح و السلام بهذا الشرط (و هو رضا الله)، و العمل به إن كان موافقا للرضا و دفعه إن كان مخالفا له، و المسؤولية تقع على القادة الشرفاء من السياسيين والعسكريين وإداري البلاد المخلصين لا الفاسدين.
و في كلام آخر قال الإمام عليه السلام: «وَجَدتُ المُسالَمَةَ – ما لَم يَكُن وَهنٌ في الإسلامِ – أنجَعَ مِن القِتالِ»[12]. المسالمة و المصالحة مع حفظ قوة الاسم أنجح و افلح من القتال، فالوصول إلى النتيجة مع عدم القتال و سفك الدماء أفضل للفريقين المتخاصمين، و إن كان قادرا على حسم المعركة لما في ذلك من أضرار و اخطار و نتائج على الطرفين حتى المنتصر منهما، و لذا كانت حروبه عليه السلام كلها فيها إعذار و إنذار إلى الخصم قبل بدء القتال، و كلها تم القتال فيها بعد جهل الخصم و عدم حسن تقديره و تدبيره.
و قال عليه السلام: «فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ»، و قد ذكر ثلاثة من فوائد الصلح مع العدو أو الخصم:
1- دَعَةً لِجُنُودِكَ ، أي راحة لجنودك، فالحرب متعبة للأبدان منهكة للقوى، فيحتاج الجند إلى دعة واستراحة لتجديد القوى، أما مع إطالة زمن الحرب فإن عدد من الجنود يُنهكون و يتعبون، وكثير من الحالات تتحول الحرب إلى حرب استنزاف.
2- وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ، الحرب مسؤولية عظمى، و متعددة الأوجه، دماء تسفك، بيوت تهدم، اقتصاد يختل، مصالح الناس، وضع الخطط، مفاجآت الحروب، اختلال موازين القوى، الخشية من الهزيمة، حرمات النّاس، تكاثر أعداد الشهداء، أهلهم، أبناءهم، وضع الأهالي و العائلات، الاقتصاد وتكاليف الحرب،جزئيات كثيرة في الحروب تجلب الهمّ وتسلب تفكير القائد السياسي والعسكري أيضا، و الصلح الصادق فيه رضا الله يريح من تلك الهموم.
3- وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ، فإنّ أيام السلم و الصلح تكون البلد أكثر أمنا و أقل خطرا من أيام الحرب و القتال، و الاختراقات و المؤامرات و الجواسيس تكثر في أيام الحروب، وتنعكس الحرب على الاقتصاد و المجتمع، و الناس في أيام السلم يأمنون ويعملون بكل راحة و طمأنينه.
قال عليه السلام: « وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ»، أي ليخدع و يغدر، فإنّ العدوّ ربّما قارب و صالح ليطلب غفلة عدوّه فيظفر به متى تحين الفرصة، فلا تغفل عنه في زمن الصلح و لا في زمن المفاوضات، فلا تثق بعدوك لمجرد حصول وفاق أو ميثاق بينك وبينه بل كن على يقضة منه و من تحركاته و لا تتساهل في الترقب و الإعداد، و قال عليه السلام في موقع آخر: « وَ إِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْأَرِقُ وَ مَنْ نَامَ لَمْ يُنَمْ عَنْهُ»[13]، اي ينبغي اليقظة و الانتباه فالمحارب لا ينام أو يغفل فإن فعل ذلك و نام فإنّ فإنّ عدوّه لا ينام يترقبه و ساهر متيقظ يتربص بك الدوائر، و يعمل لهزيمتك و ربما قتلك و الخلاص منك.
وهذا التحذير في زمن السلام و الصلح أو السلام الظاهري و لكنه في أزمنة الحروب و الأزمات يزداد، و الحرب ليست بالضرورة عسكرية كما هي شواهدها في هذه العصور، فقد تكون إعلامية و ساحتها الفضاء الالكتروني، و اقتصادية و أوجهها متعددة و الحصار أحدها، أو بوسائل أخرى تشمل المياه و الكهرباء، و وسائل متعددة منها ما نعلم ومنها ما لا نعلم.
و روي عنه عليه السلام أيضا في التحذير من الغفلة مع العدو و عدم الاطمئنان إليه «مَنْ نَامَ عَنْ عَدُوِّهِ أَنْبَهَتْهُ الْمَكَايِدُ»[14]، فالغافل النائم سيفيق بسبب مؤمرات و مخادعات و مكر العدوّ.
و هنا دعوة لأن يكون الدولة الإسلامية و قائدها و حكومتها أصحاب خطة و مشروع و عمل، فإنّ لم يكونوا كذلك و لم تكن لهم استراتيجية و لا خطة عمل و لا مشروع تنموي و نهضوي، و لا تخطيط و لا بصيرة فإنّهم سيكونون ضعاف أمام خصومهم و مهزومون، كما هو حال العرب عامة هذه الأيام.
و نشاهد أحيانا في بعض القنوات الإعلامية الناطقة بالعربية و التلفزيونات أصواتا تصرخ و تصدح شاكية باكية أن البلد الفلاني عنده خطة و البلد الآخر عنده مشروع، و الثالث عنده استراتيجية، و هذا عجيب فإنّ هذا هو الطبيعي أن يكون للبلدان خطط و طرق توضع لتحقيق الأهداف المرجوة على المدى المتوسط و البعيد و مجموعة من السياسات و المناهج و السعي في تحققها في أفضل ظروف و اقل جهد و وقت و تكلفة، و الأولى أن يعاتبوا أنفسهم أنّهم دون خطط و دون مشاريع، فإنّ الدول لا تتقدم بالفوضى، و من يفقد هذه الاستراتيجيات عنده سيجدها عند خصمه، فلا يلومنّ خصمه بل يلوم نفسه. و يكون صاحب همّة و نشاط و عمل و تيقظ و يترك الغفلة و الإهمال.
فالواجب هو الاستعداد و التهيؤ بعد الصلح و ان كانت شروط السلام صالحة ومرضية و لصالحك، فربما العدوّ يترقب الفرص للوثوب والنكث بالعهد، فاجعل عينك عليه، لا تغفل عنه، راقبه، واحترز مما يُحتمل وقوعه منه.
في مفاوضات الصلح و كذلك ما بعده يحتاج المفاوض و المحاور و كذلك من ورائهم من الساسة إلى الحذر الشديد فلا ينبغي أن تنطلي عليهم الوعود و يتوقفون عن حسن الظن بالعدو، قال عليه السلام: « فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ»، الأخذ بالحزم و الاحتياط و الحيطة و الحذر، و عدم الاعتماد على حسن الظن بالعدو مهما كان ظاهره الصدق، و قد ينشأ من الصلح بداية حسن ظنّ بالعدو ينبغي طرده و عدم الاستناد إليه، بل لا تحسن الظن بالعدو و لا تتكّل عليه و لا تثق به و لا تستند إليه في حالة الحرب و لا في حالة الصّلح.
يجب الالتزام بالمعاهدات و المواثيق المتفق عليها بين الفرقاء أو الخصون، و لا يجوز التنصل منها أو التملص، و قد أكّد أمير المؤمنين في العهد على ذلك بوجوب الوفاء بالصلح و العهد الذي عاهدته، قال عليه السلام: «وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً» أي معاهدة أو إتفاقية أو تفاهم أو وثيقة « أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً» أو عهدا، « فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ» أي احفظ عهدك بالوفاء و تنقضه أو تخنه.
وفي وجوب الوفاء، قال تعالى: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا»[15]، و قال: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا»[16].
قال عليه السلام : «وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ» أي كن أمينا في ذمتك، « وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ» أي اجعل نفسك جُنَّةً و وقاية، و تحفظ ذمتك بنفسك ولو أدّى إلى ضررها، «فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَتَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ»، فالناس و الأمم قديما و حاليا مع تفرق أهوائهم وميولهم، ومع وتشتت آرائهم و انظارهم، اتفقوا على تعظيم الوفاء بالعهود و المواثيق، مع أنّهم قد تركوا كثيرا من الواجبات و لكن لا زالوا يعظمون الوفاء بالعهود، و الالتزام بالعهد محبوب و مطلوب لدى الأمم بمختلف مواقعها، و من ينقض أو يخلف العهود فهو مكروه ومذموم، و هذه قواعد عقلية عامة يعملها العقلاء في مختلف مواقعهم الجغرافية و في كل حقب التاريخ، و المجتمعات لا يمكنها الاستمرار بحياة طبيعية دون الوفاء بالعهود.
قال عليه السلام: «وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ»، و قد لزم و التزم بالوفاء بالعهود المشركون مع ما هم عليه من الشّرك وعداوة الاسلام لما وجدوا من عواقب و نتائج الغدر، قال عليه السلام: «فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ»، أي لا تنكثن و لا تخوننّ، «وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ»، أي لا تخدعنّه باعطائه الأمان، ثم نقضه، « فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ»، إلَّا جاهل بعواقب النقض، شقيّ قد وجب عليه العقاب.
قال عليه السلام : «وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ» أي أفشاه، و جعله «بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ، وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ» يطمئنون إلى قوته «وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ» أي يفزعون بسرعة إلى جوار العهد و الذمة فرارا من نقض الحرب و آثارها، «فَلَا إِدْغَالَ» و ادخال ما يخالفه ويفسده، «وَ لَا مُدَالَسَةَ» أي الغش، و المدالسة أن يأتيك بالشيء في الظلام ليخفى عليك العيب، «وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ».
و كمثال التزام أمير المؤمنين عليه السلام بالعهود و المواثيق رغم مرارة الموقف و صعوبته ما حصل في قضية التحكيم في صفين، فهو شاهد قويّ و مثال واضح في حياة أمير المؤمنين عليه السلام، في تفاصيل كثيرة ذكرها نصر المنقري في وقعة صفين، فقد اشتدت المعركة في صفين و بان النصر لجيش أمير المؤمنين عليه السلام و الهزيمة على جيش معاوية و أصحابه، فقد انكسروا و ضعفوا، و قام أمير المؤمنين بضربهم بسيفه و طحنهم، و تقدم الأشتر فقوض صفوفهم حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية، و وصلت الموت إلى معاوية نفسه و فات من القتل، و انهزمت ألويته،
و قبل هذا جعل معاوية يلتمس أصحاب أمير المؤمنين بلغة المهزوم لوقفها، و يحرّض بعضهم على بعض، و يكتب الكتب، و يستميل الرجال، و لما اشتد فيهم القتال، حتى ملوا الحرب و كرهوا القتال و تضعضعت أركانهم.
و حينها تم رفع المصاحف حيلة و مكيدة و انطلت الحيلة على ضعاف البصيرة و الإيمان، و قد حذرهم أمير المؤمنين عليه السلام، و أصبح أهل الشام وقد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح وقلدوها الخيل، و نادوا: يا أهل العراق، كتاب الله بيننا وبينكم.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : «عباد الله، إنى أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية
وعمرو بن العاص، وابن أبى معيط، وحبيب ابن مسلمة، وابن أبى سرح، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إنى أعرف بهم منكم، صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال، إنها كلمة حق يراد بها باطل، إنهم والله ما رفعوها أنهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة، أعيروني سواعد كم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحق، مقطعه، ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا»[17].
فقام عديموا البصيرة و الدين بابتلاع المكيدة و أصرّوا على وقف الحرب، وكان الأشتر صبيحة ليل الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله، و يرجو أن يفتح الله له بالنصر، حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام، و قال الأشتر: أمهلوني عدوة الفرس، فإنى قد طمعت في النصر. و لكن اضطر الإمام لوقف الحرب و قبول التحكيم.
و هنا محل الشاهد فحين جاءت عصابة من القراء قد سلوا سيوفهم واضعيها على عواتقهم فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تنتظر بهؤلاء القوم أن نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم بالحق، قال عليه السلام : قد جعلنا حكم القرآن بيننا وبينهم، و لا يحل قتالهم حتى ننظر بم يحكم القرآن.
و في التحكيم اختار القوم أبا موسى الأشعري و لم يكن الإمام راضيا عنه و لم يقبل بتوليته، و اختار الإمام عبد الله بن عباس ممثلا للتحكيم فلم يقبلوا، فاختار مالك الأشتر فلم يقبلوا إلا بأبي موسى الأشعري، وهو رجل ضعيف لا قدرة له على الحوار و المفاوضات و لا خبرة له بالرجال فقد انطلت عليه حيلة عمرو بن العاص، و لم يفهم ما حذره القوم منه إلا بعد أن خدعه ابن العاص شر خدعة صارت تلاحقه في حياته و تاريخه و آخرته.
و عند عرض كتاب التحكيم و بنوده على صفوف أهل الشام على صفوف أهل العراق و راياتهم، قال بعضهم: « لا حكم إلا لله، و قال آخر»، و تكاثرت صيحات « لا حكم إلا لله»، الحكم لله يا على لا لك، لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين الله، إن الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه، أن يقتلوا أو يدخلوا في حكمنا عليهم، وقد كانت منازلة حين رضينا بالحكمين، فرجعنا وتبنا، فارجع أنت يا على كما رجعنا، وتب إلى الله كما تبنا، وإلا برئنا منك[18].
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ويحكم، أبعد الرضا [ والميثاق ] العهد نرجعن أو ليس الله الله تعالى قال: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[19]، وقال: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ»[20].
و قام رجل[21] إلى أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين، ما إلى الرجوع عن هذا الكتاب سبيل، فو الله إنى لأخاف أن يورث ذلا، فقال أمير المؤمنين: أبعد أن كتبناه ننقضه، إن هذا لا يحل.
و لما دخل أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة جاء إليه زرعة بن البزرج الطائي وحرقوص بن زهير التميمي ذو الثدية فقالا: لاحكم إلا لله. فقال عليه السلام: كلمة حق يراد بها باطل. قال حرقوص: فتب من خطيئتك وارجع عن قصتك وأخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا. فقال عليه السلام: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتابا وشروطا وأعطينا عليها عهودا ومواثيق وقد قال الله تعالى: « وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ..» الآية[22].
و أمثلة الوفاء بالاتفاقيات كثيرة و قد روى التاريخ عن رسول الله صلى الله عليه و آله في صلح الجديبية، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه و آله أنّه دخل البيت الحرام، وحلق رأسه، و وقف في عرفات، و استنفر صلى الله عليه و آله النّاس وخرج في جمع من المهاجرين والأنصار، ثم أبرم الصلح في الحديبية، وصبر على بنود العهد الَّذي عقده مع قريش ثم انتصر في فتح مكة.
و كان أحد بنود الصلح هو إرجاع من يأتي الرسول من قريش دون العكس، و العبارة التاريخية هي «على أنّه من أتى النبيّ من قريش بغير إذن وليه ردّه عليهم، ومن جاء قريشا ممّن مع النبيّ لم تردّه عليه»، و قد ذكر التزام الرسول صلى الله عليه في بنود الصلح حتى أخلت بها قريش، و في معرفة الصحابة، ذكر :
فلما قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة أتاه أبو بصير ، عتبة بن أسيد بن جارية، وكان ممن حبس بمكة ، فلما قدم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، حليف بن زهرة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وبعثا رجلا من بني عامر بن لؤي ، ومعه مولى له، فقدما بكتابهما على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : «يا أبا بصير ، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر ، وإن اللّه جاعل لك ولمن معك من المسلمين فرجا ومخرجا، فانطلق إلى قومك» فقال : يا رسول اللّه تردني إلى المشركين يفتنوني في ديني ويعبثون بي؟ قال: «يا أبا بصير، انطلق فإن اللّه سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا» فانطلق معهما حتى إذا كان بذي الحليفة ، جلس إلى جدار وجلس معه صاحباه …»[23].
و قال عليه السلام: «وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ» أي يختمل التأويلات و تعدد الوجوه والاحتمالات، أو حمّال ذو وجوه، وهي كناية عن ضرورة إحكام العقد و العهد، وكونه صريحا، و المعنى واضح لا احتمالات به، و لذا بعض اللغات أكثر ضبطا في إبرام الاتفاقيات. يُقال أن الفرنسية أضبط في الاتفاقيات الدولية، أما اللغة العربية فهي أضبط و أعظم و أوسع.
قال عليه السلام: «وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ»، و يعني ألا تعتمدن على لحن قول، و اللحن ما يقبل التوجيه كالتورية والمفهوم المخالف، فيكون نص مختلف الفهم و يمكن اعتباره ثغرة للإنقضاض على العهد بعد التأكيد من العهد و الوثوق.
و في الحاضر كما في التاريخ استغلال هذا الخديعة و هذه الثغرة لتخريب الاتفاقيات و كسر العهود مع الخصم، و ذكر في كتاب العقد الفريد مثالا لهذه الخيانة و الخسة ، قال : قيل صَالَحَ سعيد بن العاص حصنا من حصون فارس على أن لا يقتل منهم رجلا واحدا فقتلهم كلّهم إلّا رجلا واحدا. و سعيد هذا أموي و من ولاة معاوية على المدينة.
و في الكامل في التاريخ في حرب الحجاج و ابن الأشعث قتل الحجّاج يوم الزاوية بعد الهزيمة أحد عشر ألفا خدعهم بالأمان وأمر مناديا فنادى: لا أمان لفلان بن فلان ، فسمّى رجالا ، فقال العامّة : قد آمن الناس، فحضروا عنده فأمر بهم فقتلوا[24] .
و قال عليه السلام: «وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ، خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ»، فإذا تمّ العقد و استحكمت الأمور لا يجوز للمتعهد في حالة ضيق و رأى خلاف ذلك العهد أن ينقضه ويفسخه، بل يجب عليه أن يلتزم به على وجهه المتفق عليه، ويصبر صادقا تطبيقا لبنود الاتفاق، و ذلك خير له من التبعات التي تلحقه، إثمه عند اللَّه، وعند الناس و فقدان مصداقيته عند الصديق و العدو.
و مثال صدام حسين فاضح في نقض اتفاقية الجزائر، فقد أبرم صدام حينما كان نائب رئيس الجمهورية العراقية اتفاقية الجزائر سنة 1975 في تقاسم شط العرب، (بالفارسي اروندرود)، مع شاه إيران محمد رضا بهلوي وبإشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين. ثم أنّ صدام نفسه قام بإلغائها و تمزيقها سنة 1980 بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران. ثم أنّه نفسه راسل الإيرانيين متوسلا أن يعيد الاتفاقية.
و قال عليه السلام: «وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ» وتحيط به المطالبة من اللّه، فلن ينجو أحد يطلبه الله، فالأجدر للإنسان أن يودع دنياه بالوفاء ليستقبل آخرته بالثواب و الجزاء.
نص المقطع الذي يتعلق بالصلح و السلام:
«وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا، فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ، وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ، وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ، فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ، وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ، فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ، وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ، وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ، وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ».
المصادر
القرآن الكريم – نهج البلاغة – جمع الشريف الرضي – غرر الحكم ودرر الكلم، عبد الواحد الآمدى التميمي.
كتاب وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري – مناقب آل أبي طالب – ابن شهر آشوب – معرفة الصحابة ، أبي نعيم الأصبهاني – الكامل في التاريخ، ابن الأثير – شروحات نهج البلاغة – كتب الحديث
-
– سورة الأنفال -آية 61 ↑
-
– سورة البقرة – آية 208 ↑
-
– سورة النساء – آية 128 ↑
-
– نهج البلاغة – كتاب رقم 53 ↑
-
– المصدر السابق. ↑
-
– المصدر السابق. ↑
-
– المصدر السابق. ↑
-
– المصدر السابق. ↑
-
– المصدر السابق. ↑
-
– المصدر السابق. ↑
-
– سورة محمد – 35 ↑
-
– غرر الحكم ودرر الكلم، عبد الواحد الآمدى التميمي، ص ٧٣١ ↑
-
– نهج البلاغة – باب الرسائل و الكتب – كتاب رقم 62 ↑
-
– غرر الحكم ودرر الكلم، عبد الواحد الآمدى التميمي، ص ٦٣٠ ↑
-
– سورة النحل – آية 91 ↑
-
– سورة الإسراء – آية 34 ↑
-
– كتاب وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري، ص 489 ↑
-
– كتاب وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري، ص 513 ↑
-
– سورة المائدة ، آية 1 ↑
-
– سورة النحل، آية 91 ↑
-
– محرز بن جريش بن ضليع، و في نسخة محمد بن جريش بن ضليع ، وقعة صفين، ص 519 ↑
-
– مناقب آل أبي طالب – ابن شهر آشوب – ج 3 – الصفحة 188 ↑
-
– معرفة الصحابة ، أبي نعيم الأصبهاني ، ج ٣ ، ص ٤٩٤ ↑
-
– الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج ٤، ص ٤٦٩ ↑